يرى الناقد نادر عدلي أن {إنتاج الأعمال الدينية المسيحية بدأ في أواخر السبعينيات بمحاولات فردية من بعض المسيحيين وأصحاب دور نشر الكُتب، ذلك قبل أن تدخل الكنيسة في مجال إنتاج تلك النوعية من الأفلام بهدف عرض سيرة رجال الدين والشخصيات المُقدسة للأطفال والأجيال الجديدة بشكل فني جذاب، خصوصاً مع تجاهل تلفزيون الدولة المصرية إنتاجها، فضلاً عن رفض عرضها من دون مبرر منطقي، رغم أن الأقباط جزء من نسيج هذا الوطن}.عدلي يؤكد أيضاً أن إنتاج الكنيسة بعض الأعمال الفنية يحدث في كثير من دول العالم، وليس في مصر فحسب، ومن حق أية جهة أن تقدم ما تريد من أفلام، كما يحق للأزهر أيضاً أن يصوّر مشاريع في هذا المجال بشرط ألا يتعرّض أي منها للديانات الأخرى بالنقد أو التجريح.
في السياق نفسه، ترى الناقدة ماجدة خير الله أن الكنيسة تنتج أفلاماً سينمائية منذ سنوات طويلة، وشارك فيها نجوم كبار وأكثرهم من المسلمين بأجور رمزية أو متطوعين، ويغلب على هذه الأفلام الطابع التنويري أكثر منه الفني، إذ تتحدّث دائماً عن الأخلاق والمحبة والسلام، وتتناول بعض الشخصيات الدينية المقدسة. وتضيف خير الله أن {الكنيسة لجأت إلى إنتاج الأفلام السينمائية بعد تجاهل تلفزيون الدولة المصرية القيام بهذا الدور، وكان الأجدر أن يتولى هو الإنتاج والعرض، كما يفعل مع الأعمال الدينية الإسلامية، ولكن الأنظمة التي حكمت مصر على مدار العقود السابقة أبقت على حالة الانقسام بين أبناء الوطن وتجاهل حقوق كثيرة خدمة لمصالحها}.الناقد طارق الشناوي بدوره يشير إلى أن تجاهل الدولة والتلفزيون الرسمي في مصر إنتاج أعمال دينية مسيحية دفع الكنيسة وبعض الكُتاب وأصحاب دور العرض المسيحيين إلى صناعة أعمال دينية تُجسد شخصيات تاريخية ودينية. ويتابع: {رغم ذلك، استمر التجاهل، وهو ما يتنافى مع مبدأ الحرية ومع المواطنة التي يجب أن تحكم مؤسسات الدولة}، مضيفاً أن {الكتاب منتج ثقافي مثل العمل الفني والدولة التي سمحت بتداول الإنجيل وكل كتب الدين المسيحي هي التي ترفض عرض أعمال فنية مسيحية من دون مبرر منطقي، فيما تترك الحرية للأعمال الدينية الإسلامية}. ويوضح أن {للمشاهد أياً كانت ديانته مطلق الحرية في متابعة العمل أو تجاهله، من دون حجر على رأي أحد أو مصادرة حقه في مشاهدة ما يريد وما يعتنق}.{إلا أن الازدواجية التي تحكم مؤسسات الدولة المصرية}، بحسب الشناوي، {هي التي سمحت بعرض {آلام المسيح}، ثم رفضت عرض {نوح}. ويضيف أن حل هذه الأزمة بسيط وسهل إن توافرت الإرادة، وهو عرض التلفزيون هذه الأعمال كي يشعر المسيحيون بأنهم ليسوا مواطنين درجة ثانية في بلدهم.
مهاجمة الآخر
تؤكّد الفنانة هالة صدقي أن تجاهل الدولة إنتاج الأعمال الدينية المسيحية واضح منذ سنوات طويلة، والسبب أن الجمهور أو الشعب المصري مسلم في غالبية، من ثم لن يهتم بمشاهدتها. وتضيف هالة أن الدولة توقفت من سنوات طويلة عن الإنتاج سواء كانت المشاريع دينية أو تاريخية أو حتى اجتماعية، بالتالي لن نطالبها بإنتاج أعمال دينية مسيحية الآن.كذلك ترى صدقي أن هذه الأعمال موجهة إلى فئة معينة مهما ادعينا غير ذلك، فهي تهتمّ بعرض السيرة الذاتية للقديسين ورجال الدين المسيحي، من ثم لن يشاهدها إلا عدد قليل من المهتمين، فضلاً عن أن تكلفتها الإنتاجية ضعيفة جداً، ما انعكس على التصوير والإخراج وعناصر الأفلام كافة، موضحة أن هذا التجاهل سينتهي تدريجياً مع تغيّر الحال، وانتباه الناس إلى هذه القضية. المخرج محمد حمدي شارك متطوعاً في إخراج بعض من هذه الأفلام لصالح أحد المراكز الثقافية المسيحية في الإسكندرية، وكانت تجربة جيدة جداً، كما يقول مضيفاً {أننا دولة تدعي التعددية والتمدّن، لذا يحق للكنيسة والأزهر والسلفيين وأية جهة أو تيار أن يُقدموا مُنتجاً ثقافياً أو فنياً، بالطريقة التي يريدون بشرط ألا يُهاجموا الآخرين. كذلك عليهم أن يسمحوا بالعرض والمشاهدة للأطياف كافة، ولكن ما يحدث، بحسب حمدي، أننا نهاجم الآخر ونصادر حريته في التعيبر عن أفكاره ومعتقداته}.ويضيف: {لا مبرر واضحاً لمنع عرض الأفلام المسيحية في التلفزيون والسينما. هل يعتقد أحد أن عرض فيلم مسيحي يمثل إهانة للإسلام أو أن أي مسلم سيشاهد هذا العمل سيتحول إلى المسيحية؟!}.ويتمنى حمدي صناعة فيلم سينمائي يُجسد حياة البابا شنودة، {لأنه رجل دين مصري، له دور كبير في الحياة السياسية والثقافية، ومواقفه لا يمكن لمصري أن ينساها}.