قانون العدالة ضد الإرهاب «جاستا»
أميركا بقانون «جاستا» هذا تضرب أكثر من عصفور بحجر، فمن جهة تريد أن تتبرأ من صناعتها لـ"القاعدة" و"داعش"، ومن جهة أخرى تريد ربط الإرهاب بالإسلام ودول بعينها، رغم أنها لم تذكرهما صراحة بمواد القانون.
رد مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركي على "فيتو" الرئيس أوباما بالنقض لقانون "جاستا" وبغالبية يعد سابقة رغم كل ما أثاره الرئيس من تحفظات حول إضرار هذا القانون بمصالح السلم العالمي.تحليل بعض المحللين من الساسة حول صعوبة تطبيق القانون جاء سريعاً ومن غير تمحيص لمواده، مما ينم عن جهل وتحشيش من النوع الفاخر، فالقراءة الأولية للقانون تشير إلى أنه وضع بطريقة احترافية تجعل من الصعوبة على الدول الأخرى رفع قضايا مماثلة أمام المحاكم الأميركية لأن مواد القانون أعطت الحق لرفع القضايا المرتبطة بالأعمال الإرهابية التي تقع على الأراضي وتطول مصالح المواطن الأميركي. هذا القانون لم يحظ فقط بالأكثرية المطلوبة لرفض "فيتو" الرئيس الأميركي، بل جاء بأغلبية ساحقة من مجلس الشيوخ بـ97 صوتا مقابل صوت واحد، وكذلك الحال في مجلس النواب بـ348 صوتا مؤيدا مقابل 77 صوتا رافضا، مما يدل على أن الحزبين قد اتقفا على القانون، وعليه لن يستطع أي رئيس قادم التخلص أو الرجوع عنه، لذا تسابق كلا المرشحين ترامب وكلينتون في تأييدهما له.
التصويت على نقض "فيتو" الرئيس يفهم منه أن قناعة المجلسين قدمت المصالح الأميركية القومية الوطنية وراعت شعور أهالي 11 سبتمبر غير مكترثين بمصالح الدول الأخرى وبالتحالفات والمعاهدات المبرمة مع الدول الحليفة. هذا القانون سيكون بداية لابتزاز دول المنطقة خصوصا المملكة العربية السعودية، كما أنه سيرمي بظلاله على الوضع الاقتصادي لفترة من الزمن بعد أن عملت الإدارة الأميركية على تحرير اقتصادها من سلاح النفط كسلعة ضاغطة وبعد أن ورطت الدول المنتجة برفع سقف الإنتاج.سياسة الإدارة الأميركية مع الشرق الأوسط تسير وفق خطط وبرامج معلنة، ولعل السيدتين هيلاري كلنتون وكوندوليزا رايس كانتا الأوضح حول مستقبل الشرق الأوسط، فهما لم تخفيا دور الولايات المتحدة في صناعة تنظيم "القاعدة" المتهم الأول في تفجيرات برج التجارة العالمي، وعن الدور الأميركي الغامض في كل من سورية والعراق بما يسمى بالربيع العربي الشاهد الحاضر على مشروع التقسيم.أميركا بقانونها هذا تضرب أكثر من عصفور بحجر، فمن جهة تريد أن تتبرأ من صناعتها لـ"القاعدة" و"داعش"، ومن جهة أخرى تريد ربط الإرهاب بالإسلام ودول بعينها، رغم أنها لم تذكرهما صراحة بمواد القانون.هذا القانون يتطلب الكثير من الفهم القانوني الذي ستطول أيامه وترتفع كلفته المالية، التي قد تصل إلى مئات المليارات بعد أن ضمنت الولايات المتحدة حياد الدول الاقتصادية الكبرى كاليابان والصين وروسيا والدول الأوروبية، فالقانون لا يعنيها بشيء، ولمن يحلم بوجود قوانين مشابهة قد تتبناها تلك الدول نقول له حلمك ليله طويل. الحقيقة أن هذا القانون تجاوز كل الأعراف الدبلوماسية وسيكون بمثابة النخلة المثمرة وعصا الخيزران.ودمتم سالمين.