يريد أوباما خيارات في سورية، فتُعتبر هذه الخيارات ملحة بما أن المعاناة في حلب تزداد سوءاً، حيث قدّمت إدارة أوباما لبوتين سبيلاً إلى المضي قدماً يُعتبر من وجهة النظر الروسية انتصاراً تاماً، وإن طُبق هذا الاتفاق بالكامل فإنه يحول دون تغيير النظام في سورية (علماً أن هذا خط أحمر روسي بارز) في المستقبل القريب، ويعزز مكانة روسيا كقوة رئيسة في الشرق الأوسط، ويسهّل التعاون العسكري والاستخباراتي مع الولايات المتحدة في مواجهة المجموعات الإرهابية، ويحد من صراع مكلف جداً، ويحمي قاعدة روسيا في الشرق الأوسط.رغم ذلك، رفضته روسيا، فلا يأبه بوتين بحجم المعاناة التي يسببها للأبرياء، وتقوم خطته على حماية عميله الأسد والترويج بالتالي لمصالح روسيا بالتحوّل إلى لاعب رئيس في سورية.
يريد أوباما السلام والخيارات، فيقول: "أتساءل: هل من مسألة لم نفكر فيها؟ هل من خطوة تتخطى ما يُقدَّم إليّ، خطوة ربما كانت ستخطر على بال تشرشل أو كان أيزنهاور ليتوصل إليها؟".نجح تشرشل في الحفاظ على تماسك بلاده أثناء الحرب، مع أن العدو كان يحاصر عاصمته باستمرار من الجو، وصمد تشرشل إلى أن دخلت الولايات المتحدة الحرب بحملة قادها أيرنهاور، ولا شك أن هذا الائتلاف الصعب، الذي تمكن أيزنهاور من تشكيله بصفته قائد الحلفاء الأعلى، أنقذ الحضارة الغربية من ظلمة لا توصف. إذاً شكّل تشرشل وأيزنهاور شخصيتين نموذجيتين خلال ظروف حالكة، إلا أن أعمالهما العظيمة ارتكزت على فهم أساسي لإدارة الدولة، وبالتالي الأوجه الأكثر ظلمة من الطبيعة البشرية: لا يتبقى في بعض الحالات أي خيار غير القوة.يدرك أوباما ما كان تشرشل وأيزنهاور سيختارانه، ويفتخر بقيامه بالنقيض تماماً، فقد أخبر الرئيس صحيفة "أتلانتيك" في شهر أبريل: "ثمة قواعد دقيقة على الرؤساء في واشنطن أن يتقيدوا بها. تُستمد هذه القواعد من مؤسسة السياسة الخارجية، وترسم ردود فعل محددة لتطورات مختلفة، علماً أن ردود الفعل هذه تتخذ عادةً منحى عسكرياً".تحرر أوباما من هذه القواعد عندما تراجع عن توجيه ضربات إلى الأسد بعد أن انتهك هذا الأخير خط أوباما الأحمر بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية. يعلن الرئيس الأميركي: "أفتخر جداً بهذه اللحظة".لكن المفارقة تكمن في أن هذه القواعد وُضعت خصوصاً لأشخاص مثل أوباما، ولا شك أن رجال الدولة، أمثال تشرشل وأيزنهاور، يدركون بحكم خبرتهم وحدسهم ما يجب القيام به لصون المصالح، وحماية الحلفاء، والحفاظ على المكانة الوطنية. إلا أن أوباما، بتحرره من حكمة وإرشاد تناقلتهما الأجيال على مر التاريخ، بدد كل خياراته باستثناء قدرة البيت الأبيض على إطلاق صيحات احتجاج عقيمة على الوحشية التي تشهدها حلب راهناً.* لي سميث | Lee Smith
مقالات
خيارات أوباما
07-10-2016