موسكو تحذر واشنطن من شن ضربة عسكرية على قوات الأسد
النظام يتوغل بـ «حلب الشرقية» ويعد باستعادتها كاملة... وديميستورا يتعهد بتأمين انسحاب «فتح الشام» منها
مع تمكن النظام السوري من تحقيق تقدم ميداني هو الأول منذ عام 2013 داخل الأحياء الشرقية لمدينة حلب، حذرت موسكو واشنطن من تداعيات أي هجوم على مواقع قواته، معتبرة أنها تشكل تهديداً مباشراً للجنود الروس المنتشرين في سورية.
وجّهت وزارة الدفاع الروسية، أمس، تحذيراً غير مسبوق إلى واشنطن من العواقب المحتملة لمهاجمة مواقع قوات حليفها الرئيس السوري بشار الأسد، معتبرة أي غارات على الأراضي الواقعة تحت سيطرتها تهديداً لقواتها المنتشرة في سورية.ونبّهت وزارة الدفاع نظيرتها الأميركية (البنتاغون) إلى أنه "تم اتخاذ تدابير استثنائية لمنع الضربات الخاطئة على الجيشين الروسي والسوري"، مشيرة إلى أن طواقم أنظمة الدفاع الجوي الروسية "إس-300" التي نشرتها الثلاثاء في طرطوس والنظام الأكثر تطوراً "إس-400" الذي يحمي قاعدة حميميم، لن يكون لديها الوقت الكافي لرصد مسارات الصواريخ بدقة أو من أي اتجاه تم إطلاقها.وكشفت الوزارة عن امتلاك الجيش السوري أيضاً أنظمة الدفاع الجوي الخاصة به والتي تشمل نظامي "س-200" و"بوك"، مضيفة أنها استعادت جاهزيتها القتالية خلال العام المنصرم.
بدوره، تعهد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع قناة "تي.في2" الدنمركية، أمس، باستعادة السيطرة على كامل سورية، بما في ذلك حلب، لكنه أضاف أنه يفضل القيام بذلك من خلال اتفاقات محلية وإصدار عفو يسمح لمقاتلي المعارضة بالمغادرة إلى مناطق أخرى.واعتبر الأسد أنه لا توجد معارضة معتدلة وأن الولايات المتحدة تستخدم "جبهة النصرة" كورقة في الحرب السورية.
حشد وتفاخر
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم الأسطول الروسي في البحر الأسود نيكولاي فوسكريسينسكي أن سفينة صاروخية ثالثة أبحرت من قاعدة سيفاستوبل في القرم إلى سواحل سورية، موضحاً أن "ميراج" مزودة بصواريخ "ملاخيت" المضادة للسفن على خلاف السفينتين "سيربوخوف" و"زيليوني دول" المزودتين بصواريخ مجنحة من نوع "كاليبر". وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس، أن الحملة التي بدأتها موسكو قبل سنة في سورية، أثبتت "موثوقية الأسلحة الروسية وساعدت في استقرار الوضع وتحرير قسم كبير من الأراضي"، مقراً بأنه تم اختبار العديد من الأنواع الحديثة وبينها صواريخ "اكس-101" مداها 4500 كلم أطلقتها لاول مرة طائرات اقلعت من قواعد في روسيا.تقدم الأسد
وعلى الأرض، استعر القتال في حي بستان الباشا قرب وسط حلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وتمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم جديد بسيطرتها على نصفه من قبضة المعارضة. وأوضح المرصد أن هذا التقدم "هو الأهم لقوات النظام داخل الاحياء الشرقية منذ العام 2013"، مشيراً إلى أنه ترافق مع غارات روسية كثيفة وأخرى سورية أوقعت 270 قتيلا على الاقل بينهم 53 طفلاً. كما تسببت بدمار هائل في الابنية والمستشفيات.وبعيد إعلانه تقليص القصف والضربات في خطوة رأى محللون أنها تشكل "خدعة إعلامية"، حذر جيش النظام من أن أي شخص سيظل في حلب ولا يغتنم الفرصة لإلقاء السلاح أو المغادرة سيلقى "مصيره المحتوم"، مشيراً إلى أنه قطع جميع خطوط الإمداد عن شمال المدينة ولديه معلومات دقيقة عن أماكن المسلحين ومقراتهم في الأحياء الشرقية. في الطرف الشمالي، شنت الفصائل، فجر أمس، هجوماً معاكساً في محاولة لاستعادة نقاط خسرتها في مخيم حندرات من جهة منطقة العويجة بهدف وقف تقدم قوات النظام والميليشيات المساندة لها وتسلم زمام المبادرة.تدمير حلب
وحذر مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا من موقف حرج في سورية بسبب تطورات حلب، وأنه "خلال شهرين او شهرين ونصف كحد أقصى قد يلحق الدمار التام بالأحياء الشرقية"، معتبراً أن "وجود مقاتلي المعارضة في حلب ليس مبررا لتدميرها".وكشف ديميستورا، في مؤتر صحافي بجنيف، عن "انسحاب 1500 من مقاتلي جبهة فتح الشام من حلب بعد معركة الراموسة وبقاء 900 منهم مع قرابة 8 آلاف من مقاتلي المعارضة في الأحياء الشرقية"، داعياً مقاتلي الجبهة الى الانسحاب واستعداده لمواكبتهم بنفسه الى خارج المدينة.موسكو وباريس
وفي موسكو، أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين سيلتقي نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارته لفرنسا في 19 الجاري لبحث الأزمة السورية، مطمئناً وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت بأن روسيا مستعدة لبحث مقترحات بلاده لحل الأزمة ووقف إطلاق النار.وفي ختام اللقاء، شدد ايرولت على أنه "لا شيء يمكن ان يبرر حمم النار والقتلى" في حلب، معتبراً أن روسيا "لا يجب ان تتساهل مع هذا الوضع".ومع تعثر الجهود الدبلوماسية لتسوية النزاع وفك حصار الأحياء الشرقية لحلب، يدرس الرئيس الأميركي باراك أوباما عقوبات جديدة يمكن أن تكون لها وطأة شديدة على نظام الأسد وضباط من المراتب الأدنى، وتستهدف أيضاً موسكو الداعمة له وشركات روسية توفر الإمكانات لضرب مناطق مدنية. وقال مسؤولون ودبلوماسيون إن البحث جار في هذه الاستراتيجية، مشيرين إلى أن الجهود الأولية قد تركز على فرض عقوبات في الامم المتحدة على الجهات الضالعة في هجمات بواسطة أسلحة كيماوية من المتوقع أن تصدر لجنة تحقيق تقريراً بشأنها قبل 27 أكتوبر.في غضون ذلك، قتل 30 عنصراً على الأقل وأصيب أكثر من 80 آخرين من فصائل الجيش السوري الحر المشاركة في عملية "درع الفرات" المدعومة من أنقرة، في تفجير انتحاري تبناه تنظيم "داعش"، عند معبر أطمة الحدودي في ريف إدلب.
«داعش» يقتل 30 من «الحر» في أطمة وأوباما يدرس تشديد العقوبات