منذ فضيحة تضخم أرصدة النواب وبعد نظام الصوت الواحد أصبح مجلس الأمة قِبلةً لكل من يريد تحسين أوضاعه وتعديل مركزه المالي والاجتماعي دون أن يفقه في الدستور أو يعرف شيئاً عن العمل السياسي والنيابي، ويعتقد أن النائب مجرد مندوب لتخليص المعاملات، وهي الصورة التي رسمها المجلس الحالي في أذهان معظم المرشحين للانتخابات المقبلة.الغريب في أمر البعض ممن عزم على الترشح للانتخابات المقبلة أن حديثه في الدواوين يكون عن الخدمات الخاصة التي سيقدمها كالتعيينات في كليات الضباط والعلاج بالخارج ونقل وندب الموظفين، والمصيبة أن هذا الحديث يكون لفئته القريبة منه كطائفته أو قبيلته أو حتى الفئة التي ينتمي إليها، داعياً إياهم إلى أن يتحدوا للتصويت له لكي يستطيع إنجاز تلك المعاملات لهم، وإذا سأله أحدهم عن الدستور والقوانين والتشريعات المنوطة بالنائب فسيكون رده: "لا يعنينا هذا الأمر، فالناس طارت بأرزاقها وحنا ندور دستور وتشريعات"، والمصيبة أن بعضهم لا يعرف مكان مبنى المجلس الذي يريد الترشح له.
لقد أصبح المجلس والعمل البرلماني مجرد وسيلة لخدمة الناخبين الخاصة، لا أمانة مشرع ومراقَب، وأصبح العمل السياسي لعبة لأصحاب المصالح ليغدو عملاً عبثياً ومضراً بالوطن ومستقبل المواطنين، وذلك بسبب تصرفات وإدارة الحكومة وعبث وعبط حديثي العمل السياسي وبقيادة المتنفذين أصحاب المصالح التجارية والمالية في مؤسسة الفساد.
يعني بالعربي المشرمح:
الترشح لعضوية مجلس الأمة أصبح غاية للكثير من المواطنين بسبب سهولة الارتزاق من ورائها، بعد أن تحول عمل النائب من مشرع ومراقب إلى مندوب لإنجاز معاملات يفترض أنها تنجز دون تدخله، ولأن المجلس الحالي أمضى دورته العادية دون حل فلقد ساهم بطريقة أو بأخرى في أن يصبح النائب مجرد مندوب لخدمة ناخبيه، فترسخت هذه الفكرة في عقول معظم المرشحين للانتخابات المقبلة، على اعتبار أنها مهنة سهلة ومدرة للمال ومن السهل الفوز بها في ظل الظروف السياسية والعبثية الحالية، بدعم حكومي وآخر من المتنفذين، فترشحوا يا قوم لتتشرشحوا!