إسعافات المجلس الورقية
المجلس الحالي لا يحتاج إلا إلى دورة بسيطة في الإسعافات الأولية، لعل وعسى أن يفهم بعدها أن دوره التشريعي والدستوري أمام قضايا الأمة الكبرى أكبر من معالجة الخدوش والرضوض البسيطة، وأن دوره الحقيقي هو وقف نزيف شرايين مصالح المواطنين، وإنقاذ حياة حقوقهم الدستورية والمعيشية قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.أساسيات الإسعافات الأولية ربما توقظ الحس الدستوري عند هؤلاء النواب المجتمعين حول الجسد المسجى لجيب المواطن البسيط، والذي دهسته بلا رحمة مسيرة التقشف الحالية، فمنذ أسابيع والمجلس يلتف حول إصبع البنزين المخدوش مصرحاً وصارخاً ولاطماً يتجادل أعضاؤه حول نوع العلاج المناسب للخدش، وهل سيكون بـ"باندج" الـ20 ديناراً أم مطهر الـ75 لتراً، أو بغيرها من العلاجات الشعبية أو الانتخابية إن صح التعبير.
نعم ارتفاع أسعار الوقود خدَش بلا شك طرف إصبع جيب المواطن، ولكنه يبقى مجرد خدْش بسيط لا يقارن بخطر الغرغرينا القادمة لغلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، والتي سيسببها النزيف الأخطر الكامن في مكان آخر، حيث شريان قلب ميزانيتنا النازف بفعل سكاكين وخناجر التنفيع والترضيات والقصور التشريعي وانعدام الرؤية. وبدون وضع يد الدستور مباشرة على هذا الجرح الغائر وإيقاف نزفه المستمر ستبقى علاجات النواب في عين مصداقية الشعب مجرد لعب عيال، ألعاب انتخابية إن رفعتها فلشارب البطولات الورقية، وإن طمنتها فللحية الإنجازات الوهمية، ولا طبنا ولا غدا الشر!