تصدر حزب العدالة والتنمية الإسلامي الانتخابات البرلمانية التي جرت الجمعة في المغرب بحسب نتائج مؤقتة، ما يمكنه من البقاء على رأس الحكومة لولاية ثانية من خمس سنوات.

Ad

وفي ختام يوم انتخابي لم يتضمن أي حوادث تذكر لكنه سجل نسبة مقاطعة قوية واتهامات بحصول عمليات تزوير، حصل حزب العدالة والتنمية على 99 مقعداً من أصل 395 مقعداً برلمانياً، وفق نتائج مؤقتة أعلنها وزير الداخلية محمد حصاد ليلاً.

وتلاه خصمه الرئيسي حزب الأصالة والمعاصرة المطالب بـ«الحداثة» في وجه «أسلمة المجتمع»، والذي أسسه في 2008 فؤاد علي الهمة، صديق الدراسة للملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد، ففاز بـ80 مقعداً.

أما حزب الاستقلال المحافظ الذي يعود تأسيسه إلى ما قبل الاستقلال وقاد حكومات عدة في الماضي، فحل ثالثاً بـ31 مقعداً، متقدماً على حزب التجمع الوطني للأحرار الذي جاء رابعاً بـ30 مقعداً.

وبلغت نسبة المشاركة 43%، أي ما يزيد عن ستة ملايين ناخب من أصل تعداد سكاني قدره 34 مليوناً، وفق أرقام وزير الداخلية بعد فرز 90% من الأصوات.

وبالتالي، فإن حزب العدالة والتنمية يحظى بتقدم مريح على حزب الأصالة والمعاصرة، وهو سيتمكن من تحقيق رهانه بالفوز بولاية ثانية على رأس الائتلاف الحكومي من أجل «مواصلة الإصلاح» وفق برنامج انتخابي مبني على «المنهجية الإسلامية».

وفاز حزب العدالة والتنمية في نوفمبر 2011 في أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد بعد تبني دستور جديد صيف السنة نفسها، عقب حراك شعبي قادته «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية التي مثلت النسخة المغربية لـ«الربيع العربي».

ويتهم خصوم حزب العدالة والتنمية الحزب بالولاء للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كما يتم تشبيهه بحركة الداعية الإسلامي التركي فتح الله غولن، وهي تهم ينفيها الحزب.

وفي ختام هذا اليوم الانتخابي، يعزز الحزب موقعه المتقدم في المشهد السياسي المغربي حيث يبقى الملك محمد السادس الحاكم الفعلي للبلاد والمهيمن على المجالات الاستراتيجية والحيوية وفي مقدمتها الجيش والأمن والقضاء والدبلوماسية والتوجهات الاقتصادية الكبرى وكذلك التعيين في المناصب والوظائف العليا.

شعبية

وبذلك يكون الحزب الذي يتميز بالانضباط والتنظيم في صفوفه، قد احتفظ بشعبيته رغم خمس سنوات قضاها في السلطة، وإن كان منتقدوه يتهمونه باخفاء برنامج إسلامي متشدد، إلا أن الحزب حرص حتى الآن على حصر عمله في المجال الاقتصادي والاجتماعي، متبنياً نمطاً يميل إلى الليبرالية في ظروف صعبة تشهدها البلاد، ومتفادياً التدخل في مسائل التقاليد والآداب.

والتقى رئيس الحكومة وأمين عام العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران مساء الجمعة ناشطي الحزب في مقره في الرباط، وحيا «يوم فرح وسرور عم الوطن والمغاربة».

وكان الحزب دعا مساء الجمعة وزارة الداخلية إلى «التدخل العاجل» لوقف تجاوزات عدد من رجال السلطة وأعوانها للتأثير على إرادة الناخبين ولترجيح الكفة لصالح حزب الأصالة والمعاصرة.

ونفى حصاد هذه الانتقادات وأثنى على «حسن سير» الانتخابات التي وصفها بـ«الشفافة»، مؤكداً أنها جرت طبقاً لتعليمات الملك محمد السادس القاضية باحترام نزاهة العملية.

وتشكل هذه الانتقادات الحلقة الأخيرة من اختبار قوة طويل أثار سجالات في الأسابيع الأخيرة، حيث اتهم حزب العدالة والتنمية وزارة الداخلية التي يترأسها وزير تكنوقراطي، بالانحياز لحزب الأصالة والمعاصرة، مع تفادي التواجه مع البلاط الملكي.

من جهته، أعلن حزب الأصالة والمعاصرة تقديم «خمسين شكوى» بشأن تجاوزات يستهدف العديد منها حزب العدالة والتنمية، مبدياً في الوقت نفسه ارتياحه إلى النتيجة.

وتكرس هذه الانتخابات الاستقطاب السياسي الشديد بين الحزبين في المغرب، على حساب الأحزاب الأخرى.

وبموجب الدستور، يكلف الملك الحزب الفائز في الانتخابات تشكيل الحكومة، ما يعني أن ابن كيران سيفوز بولاية ثانية.

واستبعد حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية أي تحالف بينهما في حكومة مقبلة، ما سيحتم على الإسلاميين عقد تحالفات أخرى لتشكيل الحكومة الجديدة.