تشارلس كَنَث ويليامز (1936 - 2015) شاعر أميركي يعد الأكثر أهمية منذ روبرت لَويل وجون بيريمان. حازت دواوينه الشعرية معظم الجوائز الكبيرة: "جسد ودماء"، "ترميم"، "الغناء"، "دراسة الحياة"، "أغاني الحلم".

في عام 2012 أخرج مجموعة من طلبة جامعة يورك فيلماً عن حياة الشاعر، مستوحاة من قصائده. عُرض في لندن بعنوان "حب إلى الأبد".

Ad

كتب عنه الناقد بيتر كامبيون "عبر نصف قرن من نتاجه الشعري حقق ويليامز طموحات بالغة الصدق والاتساع. ومثل ييتس ولَويل قبله، كتب من التخوم الواقعة بين الحياة الخاصة والعامة. قصائده توحد بين الذكاء المتشكك والصدق العاطفي، بالطريقة التي تبجل كل محاولاتنا لخلق معنى للعالم ولأنفسنا معاً".

دواوينه الشعرية تشير إلى سمة في قصائده تتمثل في هذا الجمع بين الواقعية الوثائقية التي ترصدها العين، وبين الاهتمام بما يعتمل في تلافيف العقل على هيئة رؤى للخيال. هذا الجمع العصي أكثر من مغرٍ لكل شاعر، يطمع أن يتجاور المرئي إلى غير المرئي.

اقترن اسم ويليامز بالميل للبيت الشعري الطويل، الذي اعتاده منذ مجموعته "مع الجهل" (1977). ورغم التشابه الظاهر بين امتداد بيته الشعري مع طبيعة البيت الطويل لدى والت ويتمان، فإن ويليامز يستخدمه للتعبير عن حساسية أكثر تعقيداً، على ما يبدو، اقترحتها مساعي الحداثة دون شك، "بهذه الحساسية يختبر الشاعر دوافع البيت الشعري للاستطالة، ويبحث عن بدائل، ومن ثم يهذب معانيه"، على حد تعبير أحد النقاد.

وللشاعر ويليامز قواسم مشتركة أكثر مع الشاعر الرومانتيكي الأشهر وردزورث، الذي ربى ذائقة قرائه على احترام جديد للغة التي صار يستخدمها، في نتاج شعري تجد النزعة الديمقراطية والشيطانية فيه على صراع محتدم مع لحظات السمو المتجاوزة حدود الإدراك الحسي. هذا التوتر، بين صرامة الانتباه إلى عالم يبدو في أحيان كثيرة قبيحاً ومزرياً، وبين غنائية شعرية تحاول خلاصه وتطهيره، يصبح موضوع هذه القصيدة التي نسعى لترجمتها: "تصميم خارجي: يوم".

في القصيدة/ المشهد يبدو الوجود العرضي الطارئ للمرأة المُسنة العمياء في الفيلم تحدياً لمخططات مخرج الفيلم بشأن الحدث، وتحدياً لرؤيا الشاعر التي توضع موضع التساؤل أيضاً. المخرج الذي يرى المشهد العيني ويوجهه لغاية (الحقيقة)، والمرأة التي ترى من داخل عقلها لغاية مفترضة عصية على الحواس (الوهم). زاويتا نظر تُدخلان القارئ في التباس أكيد. والميتُ الحاضرُ/ الغائبُ يُلقي على المشهد ظلالاً ثقيلةً، ولكن خفية.

ويليامز صادق بصورة لا لبس فيها، وهو لم يحسم أمر هذا التزاحم بين "الوهم والحقيقة".

تصميم خارجي: يوم

ممثلان يتدبران بشكل أخرق كفنا لجنازة عبر مدخل باب.

ممثل ثالث ينشجُ، بصورة غير مقنعة: المخرج يصرخ: "قطع!" وثانية يتهيؤون.

في اللحظة ذاتها ثمة امرأة مسنة عمياء، دارت حول الركن؛ وتوقفت إلى جانب المبنى، مسّت المظلة المخملية وجفلت بشكل ظاهر: أثمةَ ميتٌ ولم تُخبر؟

أنتَ قرابة أن تراها تقطع المدخل، متلمسة طريقها باتجاه السلالم،

طارقة، محاولة أبواباً. من تُرى المُفتقد؟ في الخارج يتوقف كل شيء.  

للحظة طويلة لا يعرف أحد ماذا يفعل: الممثلون قلقون، المصور ينظر بعيدا؛ المرأة لابد تعرف أن الشارع هادئ بصورة غير طبيعية، ولكنها مازالت لا تتحرك

المشهد تتنازعه الأطراف؛ وهمٌ وحقيقةٌ: طاقم، مشاهدون، وامرأة؛

يدُها مازالت مرتفعة، تحديقتُها المفرغة، الواسعة تخترقنا.