«بارتي في حارتي»!

نشر في 10-10-2016
آخر تحديث 10-10-2016 | 00:00
 مجدي الطيب أسوة بالمسلسل التلفزيوني المصري «بنات سوبرمان»، الذي يحكي قصة خيالية عن البطل الخارق «سوبرمان»، الذي هبط مصر، وأقام علاقة مع فتاة ليل أنجبت أربع فتيات يمتلكن قوى خارقة، تأتي فكرة فيلم «بارتي في حارتي»، الذي كتبه أحمد عيسى وأخرجه «يونس». تقوم الأحداث على زيارة مباغتة قام بها «آيرون مان» Iron Man لمصر، اغتصب خلالها زوجة (نادية العراقية) أنجبت بعد سنوات الولد «شومان» (محمد لطفي) والبنتين «نوجة» (الراقصة دينا) و«نسمة» (المطربة أمينة)، لكنها أخفت عن زوجها ومن حولها أن «شومان» هو ابن «آيرون مان»، وقبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وكعادة الأفلام الميلودرامية، اعترفت للجميع بالسر الرهيب!

اللافت أن السر لم يغيّر من الأمر شيئاً، وباستثناء تمتّع «شومان» ببنيان قوي، وجسم مفتول العضلات، ورغبة في الامتناع عن استخدام القوة في أعمال الشر، سارت الأحداث على وتيرة غريبة، ورتابة عجيبة، وواقعية مقيتة، ما استدعي السؤال: «لماذا لجأ الكاتب إذاً إلى استلهام البطل الخارق سليل العالم الخيالي لمطبوعات مارفل كومكس؟». لكن الفيلم سينتهي من دون إجابة عن السؤال اللغز، فالفيلم لزج وملفق ومصنوع، كلزاجة الشخصيات، وتلفيق المواقف، وصنعة الحارة (ديكور تامر فايد)، فضلاً عن عنوانه القبيح الذي لا علاقة له بموضوعه، وتم إقحامه على الأحداث بشكل مفتعل!

ما يمكن قوله إن «بارتي في حارتي» فيلم مصنوع حسب الطريقة «السبكية»، حيث الفرح والمغني الشعبي والراقصتين، وباستثناء المطرب «دياب» فإن الأبطال: محمد لطفي، دينا وأمينة هم صنيعة «السبكية»، ومعهم المخرج، الذي يؤدي دور «البديل» و«المخرج وقت الشدة»، بدليل الضعف الواضح في الفيلم، والركاكة التي تتجلى في ملء المساحات بكل ما يمت للهبوط والابتذال والترخص بصلة. فمن قبل أن تبدأ الأحداث تنهال عليك الرقصة والأغنية والفرح، وفي محاولة لتبرير الاستعانة بالمطرب «دياب» يتمّ اختياره لتجسيد شخصية «زيكا العو» البلطجي الذي يفرض الإتاوات على أهل الحارة، لكنه يهوى الغناء. ولأن الأحداث تقع في الحارة فثمة مشهد مفتعل عن البطش والقهر الذي تمارسه شرطة المرافق ضد الباعة الجائلين، ومبررات غريبة عن البطل الذي يرفض معاداة الحكومة لأنها تمنحه «بدل بطالة» قدره ثلاثمئة جنيه!

المفارقة الأكثر غرابة أن الفيلم يُسقط من اعتباره مشهداً رأيناه بأم أعيننا، وهو اقتحام «آيرون مان» منزل الزوجة واغتصابها، ويفاجئنا برواية أخرى عن البطل الخارق الذي كان في طريقه إلى اليابان، وفوق ضاحية نزلة السمان انجذب إلى رائحة «الملوخية»، وأحبّ المرأة التي طبختها، وتزوّجها، وبعدما أفاق صبيحة اليوم التالي، ونظر إلى وجهها طلقها. وبعيداً عن الواقعة «الشرعية» المختلقة تتجلى القدرة المتواضعة للكاتب في رسم المواقف الكوميدية، فضلاً عن قلة الحيلة، والالتجاء إلى العشوائية في نسج حكايات ساذجة حول المافيا التي تخطط لتدمير البلاد بالمخدرات والمتفجرات، والشخصيات الدخيلة مثل «الحسيني» (صلاح عبد الله) زعيم العصابة، والنماذج البشرية المشوهة، التي تنطق وتتحرك ببلاهة وعته. حتى مشهد توظيف فن «البارودي» للمحاكاة الساخرة لبرنامج «من يربح المليون» جاء سخيفاً ومفتعلاً، كافتعال محاولة توريط «شومان» في عالم الإجرام، وفشل «زيكا» في تهريب صفقة المخدرات!

باستثناء مشهد واحد انتفض فيه «شومان»، ووظّف قوته التي ورثها عن أبيه الخارق، ارتمى الكاتب، ومن بعده المخرج، في براثن السطحية والاستسهال، وأهدرا فرصة تقديم قطعة فنية إبداعية على غرار ما فعل الكاتب التركي الشهير عزيز نيسين في رائعته «وحش طوروس»، بعد تفرغهما لإفساح المساحة تلو الأخرى للأغنية التي تغنيها «أمينة» بعد «دياب» ورقصة «دينا» ورفيقاتها في الملهى والسرادق الشعبي، وعندما يفتح الله على «شومان» بسهرة مجون مع «دياب» تنتهي بحقيبة مكتظة بالأموال يؤسسان بها مشروعاً تافهاً، فيما يحوّل الطبيب (رضا حامد) ومساعدته (رنا سماحة) العيادة إلى ساحة لبيع المخدرات التخليقية، التي يتفق «الحسيني» على ترويجها، وخشية اتهام الفيلم بالإساءة للأطباء يبادر أصحابه بالقول إن الطبيب يحمل دبلوم تجارة!

في «بارتي في حارتي» متعهد الحفلات الذي يمارس دور القواد، والملهى الذي تظنه ماخوراً، والطفل اللقيط الذي يعيش مأساة إنسانية مفتعلة، وتاجر المخدرات الذي يبدو كالأبله، والمافيا الغامضة التي لا تعرف هدفها ووجهة تمويلها، والاتفاق التحتي المعتاد بين البطل والشرطة للإيقاع بالأشرار، الذي يتم كالعادة في حفلة «الهالوين»، ويتجلى الارتباك بقوة (مونتاج أيمن التونسي) في مشهد طلب «شومان» يد «روايح» (رنا الملاح) من زوج أمها «الحسيني»، وفي المشهد التالي مباشرة تستحثه أن يطلب يدها، ويعدها بأن يفعل. وتبحث عن لقطة سينمائية واعدة (تصوير مصطفى فهمي) فلا تجد، وموسيقى تصويرية مهما كان شأنها (محمد شفيق) فتضل الطريق، ولا يبقى لك سوى طاقم تمثيل في أسوأ حالاته!

back to top