في مشهد حاشد وحضور دولي واسع واستنفار أمني، احتفلت الدولة المصرية في منتجع شرم الشيخ أمس، بمرور 150 عاما على الحياة النيابية في مصر، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والرئيس السابق عدلي منصور، ورئيس الحكومة شريف إسماعيل، ورئيس البرلمان علي عبدالعال وكبار رجال الدولة، و19 رئيس برلمان ومنظمة برلمانية دولية، فضلا عن 15 وفدا برلمانيا من مختلف دول العالم، في احتفالية ترغب القاهرة في استغلالها لترويج حالة الاستقرار الأمني لإنعاش قطاع السياحة شبه المتوقف.

وبعد كلمات رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، والإفريقي روجيه نكودو دانغ، ألقى الرئيس السيسي كلمته، موجها التحية الى ضيوف مصر والاحتفالية، لمشاركتهم في المناسبة "التي تجسد عراقة الحياة النيابية في مصر، والتي شهدت إنشاء أول مجلس نيابي في العالم العربي وافريقيا"، لافتا إلى أن الحياة النيابية في مصر "تعكس روح الحياة الحزبية فيها بصورة توضح بجلاء مدى تطور ونضج تجربتها السياسية".

Ad

وتابع: "سطرت مصر في العام الماضي مرحلة جديدة مهمة في حياتها النيابية بانتخاب البرلمان الأوسع تمثيلا في تاريخها، سواء من حيث العدد أو تمثيل مختلف فئات الشعب وأطيافه، إذ وصلت نسبة تمثيل الشباب في مجلس النواب الحالي إلى ما يزيد على 40 في المئة، كما تم تمثيل المرأة بـ90 نائبة، فضلا عن تمثيل المصريين في الخارج، وذوي الاحتياجات الخاصة لأول مرة في تاريخ الحياة النيابية بمصر، ويأتي ذلك بهدف ضمان مشاركة جميع أطياف وفئات المجتمع المصري في صنع القرار".

وأضاف: "ومع إدراكي بأن المهام الملقاة على عاتق البرلمان ستكون جسيمة، إلا أنني على ثقة كاملة بأن أعضاء المجلس قادرون على اتخاذ القرارات الصعبة التي تحافظ على أمن البلاد وتحقيق النهضة الاقتصادية المنشودة والاستمرار في إعلاء المصالح العليا للوطن، وممارسة سلطتي التشريع والرقابة بكل نزاهة وتجرد، وأن تكون قضايا التعليم والصحة والشباب والمرأة ومحدودي الدخل على قمة أولوياتهم".

طريق الديمقراطية

وكان رئيس البرلمان المصري افتتح الاحتفالية بالوقوف دقيقة حدادا على روح النائبة أميرة رفعت، التي تعرضت لحادث مروري أودى بحياتها فجر أمس، وقال بعدها: "إننا نحتفل بمرور 150 عاما على الحياة النيابية من خلال إنشاء أول مجلس نيابي مصري يمتلك صلاحيات نيابية العام 1866".

وأردف: "مصر تسترجع ماضيها وكفاح شعبها على طريق الديمقراطية، بل وتبعث أيضا برسائل إلى العالم بأسره بأنها ماضية في طريقها مدافعة عن قيمها متمسكة بثوابتها".

وبعد استعراض محطات في تاريخ الحياة النيابية قال عبدالعال: "شهدت مصر، في مرحلة ما بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، تطورات سياسية مهمة، وحراكا جماهيريا فاعلا، أسفر عن دستور جديد للبلاد... ليرسم قواعد بناء دولة ديمقراطية حديثة، تقوم على التعددية، ونبذ الطائفية".

وهاجم عبدالعال القوى الأجنبية "التي تتدخل بغير وعي في شؤون المنطقة، مدفوعة بمصالحها"، داعيا إياها إلى "الانخراط في حوار جاد، والدخول في عملية تشاورية وتوافقية، تستهدف إعادة الاستقرار إلى ربوع المنطقة، والحفاظ على مؤسسات دولها من خطر التفكك، والعمل على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاثه من جذوره".

جلسة مشتركة

وغير بعيد عن الأجواء الاحتفالية، تبدأ في شرم الشيخ اليوم، الجلسة المشتركة الأولى لبرلمان عموم إفريقيا والبرلمان العربي، تحت شعار "التضامن الشعبي العربي الإفريقي ودور البرلمانات"‬، في إطار الاستراتيجية التي أقرتها قمة الكويت عام 2013، لترسيخ التعاون في مختلف المنافع المشتركة بين المنطقة العربية والقارة السمراء، على أن يتم رفع نتائج الاجتماع المشترك إلى القمة العربية - الإفريقية الرابعة المقررة في عاصمة غينيا الاستوائية مالابو نوفمبر المقبل.

وقال مصدر مصري مسؤول إن الجلسة المشتركة يعقبها اجتماع لمكتبي البرلمانيين يتناول متابعة ما تحقق من مخرجات القمة العربية الافريقية في دورتها الثالثة، وبحث سبل التعاون المشترك في مجال تنفيذ أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها الدول العربية والإفريقية في الأمم المتحدة العام الماضي حتى عام 2030.

ومن المقرر أن يصدر عن الاجتماع المشترك إعلان يؤكد دور البرلمان العربي وبرلمان عموم إفريقيا في الدفع بهذه الشراكة الاستراتيجية للمستويات المنشودة، من خلال مواجهة التحديات الراهنة، سواء ما تعلق منها بضرورات التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، على نحو متوازن ومتكامل، أو مواجهة مصادر التهديد للأمن القومي العربي والإفريقي، في ظل استشراء الإرهاب وتمدد الجماعات الإرهابية، فضلا عن تأكيد الدعم ومساندة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي.

تقييم

في الأثناء، تباينت آراء عدد من المراقبين حول المغزى من احتفالية الدولة المصرية، إذ وصف مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية رامي محسن، الاحتفالية بـ"الأمر المهم جدا"، مضيفا لـ"الجريدة": "الاحتفالية رسالة للعالم بأن مصر آمنة، وتفتح ذراعيها لحركة السياحة"، في وقت تعاني القاهرة ضعف الإقبال السياحي على المنتجعات المصرية، خصوصا شرم الشيخ، بعد حادث سقوط طائرة روسية في سيناء أكتوبر الماضي.

بدوره، أشاد الخبير البرلماني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يسري العزباوي بحرص الرئيس السيسي على حضور الاحتفالية، قائلا: "الرئيس بحضوره أرسل رسالة للعالم بأن مصر وشرم الشيخ آمنة، على عكس ما يروج البعض، كما أن مشاركته ستسهم كثيرا في طمأنة السياح من مختلف دول العالم، ما يساهم في تنشيط السياحة".

ميدانيا، شهدت القاهرة استنفارا أمنيا أمس، تحسبا لأي هجمات إرهابية بالتزامن مع الاحتفالية النيابية، وظهرت الدوريات الأمنية بكثافة في شوارع القاهرة والجيزة وعدد من المدن الكبرى بالمحافظات، فيما عززت قوات الأمن تواجدها أمام السفارات الأجنبية والمنشآت الحيوية، بينما عززت قوات الجيش والشرطة قواتها في مناطق التمركز بشمال سيناء، بعد مطالبة سفارات أميركا وبريطانيا وكندا رعاياها بمصر بتجنب التجمعات الكبيرة والأماكن العامة أمس.