منذ أن أسس "الخديو إسماعيل" خامس حكام الأسرة العلوية "مجلس شورى النواب"، في مصر في ديسمبر 1866، لم يستطع البرلمان المصري، الذي احتفلت الدولة المصرية أمس، بمرور قرن ونصف القرن على تأسيسه، أن يتخلص من فكرة كونه مجرد جهة "استشارية"، قراراتها غير ملزمة للحاكم، ربما إلى وقتٍ قريب.

ورغم أن الرغبة المصرية في تأسيس أول برلمان بدأت مبكرة، وتحديداً في عشرينيات القرن التاسع عشر، عام 1829، في عهد محمد علي باشا، عندما أسس باني مصر الحديثة كياناً يجمع كبار التجار والأعيان والعمد والعلماء، سماه "مجلس المشورة"، فإن الخديو إسماعيل الذي منح الفرصة لانتخاب 75 عضواً من الأعيان هم كل أعضاء "مجلس شورى النواب"، عام 1866، لم يمنح هذا البرلمان صلاحيات كافية، حيث ظلت قراراته استشارية لا إلزامية. وبعد خلع الخديو إسماعيل عام 1879، وتولي الخديو توفيق، استمر مجلس النواب يحاول انتزاع حقوق تشريعية لنفسه، تجعله طرفاً في الموافقة على أي من القوانين أو التشريعات الجديدة، وهي الحقوق التي حصل عليها مناصفة مع الخديو، إضافة إلى حق إقرار الضرائب والمسائل المالية.

Ad

وبدخول الاحتلال الإنكليزي مصر عام 1882، وضعت سلطات الاحتلال القانون الأساسي لتنظيم الشؤون الداخلية لمصر تحت سلطة الاحتلال، ونص أيضاً على إقامة مجلسين استشاريين "لا تشريعيين"، هما مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية للتداول في الشؤون الداخلية، بما يعتبر انتكاسة لتطور الحياة النيابية، إلا أنه استطاع عام 1909 التصدي لمشروع حكومي يمد امتياز قنال السويس 40 عاماً أخرى، حيث تم رفضه من قبل أغلبية النواب.

بدخول دستور 1923 حيز التنفيذ بات ممكناً لأول مرة أن يحتفظ المجلس النيابي بسلطة مساءلة الحكومة، وسحب الثقة منها، وبات من غير الممكن للحكومة أو الملك سن أية قوانين أو تشريعات جديدة، قبل عرضها على المجلس والتصويت عليها، الأمر الذي لم يستطع الملك فؤاد الأول أن يتحمله، فأصدر عام 1930 دستوراً يعطيه صلاحيات واسعة.

وظلت المطالبة السياسية الأساسية خلال سنوات طويلة، هي العودة للعمل وفقاً لقانون 1923، إلى أن قامت ثورة 23 يوليو ١٩٥٢، التي أنشأت مجلس الأمة، حتى صدر دستور 1971 الذي أنشأ مجلس الشعب، ثم أضيف مجلس الشورى عام 1980 وحتى قيام ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، حيث تم تطبيق دستور 1914، الذي ألغى مجلس الشورى، واكتفى بغرفة برلمانية واحدة، هي مجلس النواب.