بدا نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس، كأنه يسعى إلى احتواء أزمة مع السعودية، أقوى حلفائه الإقليميين، على وقع التباين الواضح، في التعاطي مع الأزمة السورية، بعد تصويت القاهرة على الطرح الروسي في مجلس الأمن.وعلمت "الجريدة"، أن وفداً رفيع المستوى برئاسة مدير المخابرات العامة اللواء خالد فوزي سيتوجه الأسبوع المقبل إلى الرياض، لمناقشة أسباب التوتر ومنع تفاقم الأزمة.
وقال مصدر رفيع المستوى إن الوفد المصري سيزور الرياض عدة ساعات، لمقابلة كبار المسؤولين السعوديين، بهدف تخفيف الاحتقان بين البلدين، إثر تباين الرؤى حول الأزمة السورية، وشرح وجهة نظر مصر من التصويت في مجلس الأمن.برلمانياً، تباينت آراء النواب حول الأزمة بين القاهرة والرياض، إذ قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية محمد العرابي، لـ"الجريدة"، إن "هذه الخلافات لا تؤثر على عمق العلاقات بين البلدين"، بينما رأى النائب سمير غطاس أن الموقف المصري يهدف للحفاظ على الوحدة الإقليمية لسورية، مع ضرورة حل الأزمة سياسياً.
زيارة السودان
وفي إطار دعم العلاقات المصرية- السودانية، شارك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس، في ختام مؤتمر الحوار الوطني السوداني في الخرطوم، بناء على دعوة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، في زيارة تأتي عقب عقد قمة ثنائية بين الرئيسين في القاهرة الأربعاء الماضي، شهدت التوقيع على وثيقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.وكان البشير في استقباله بمطار الخرطوم، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمية، عقد بعدها الرئيسان اجتماعاً ثنائياً، تم خلاله التأكيد على عمق العلاقات التي تربط بين البلدين، وانضم إلى الاجتماع في وقت لاحق الرئيس التشادي إدريس ديبي، والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني.وقال السيسي في كلمة له خلال الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني السوداني، إن "مصر تدعم الجهود التي يقوم بها السودان لتعزيز وحدة صفه وتحقيق السلام والاستقرار في ربوعه"، مشدداً على حرص بلاده على تكثيف التعاون مع السودان، وترسيخ المصالح المشتركة.توتر واتهام
في سياق علاقات مصر الإفريقية، طفت على السطح أزمة في العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، بعد توجيه الأخيرة سهام الاتهام للأولى بدعم شعب الأورومو المعارض لنظام الحكم في إثيوبيا، إذ خرج مؤخراً الآلاف من الأورومو في تحركات مناهضة للحكومة الإثيوبية التي تهيمن عليها الأقلية العرقية النيغر، بينما يشكل شعب الأورومو مع شعب أمهرة نحو 65 في المئة من السكان.واتهمت الحكومة الإثيوبية على لسان المتحدث باسمها جيتاتشو رضا أمس، عناصر أجنبية بتسليح وتمويل مجموعات ترى أنها السبب في اندلاع الاحتجاجات، موجها أصابع الاتهام إلى كل من إريتريا، التي تتنازع مع إثيوبيا على الحدود المشتركة، ومصر التي لها نزاع مع إثيوبيا بخصوص سد النهضة.وفيما قالت وسائل إعلام، إن وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية برهاني كرستوس، استدعى سفير مصر بأديس أبابا أبوبكر حفني، أمس الأول، للتشاور حول اتهامات بدعم مصر لقضية شعب الأورومو، نفت الخارجية المصرية خبر الاستدعاء، وقال المتحدث الرسمي باسمها أحمد أبوزيد، إن وزير الخارجية الإثيوبي طلب مقابلة السفير المصري بالفعل الأسبوع الماضي، للاستفسار عن حقيقة تداول مقطع مصور يظهر شخصاً مصرياً مع تجمع للمنتمين للأورومو، وهو ما نفاه السفير المصري.وقال أبوزيد إنه تجرى حاليا اتصالات رفيعة المستوى بين مصر وإثيوبيا، للتأكيد على أهمية الحفاظ على العلاقات الثنائية، وضرورة اليقظة أمام أي محاولات تستهدف الإضرار بها، وأن الاتصالات "تعكس إدراكاً مشتركاً لخصوصية العلاقة بين البلدين والمصالح والمصير المشترك بينهما"، مشدداً على احترام مصر الكامل للسيادة الإثيوبية.وفيما توقعت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية نهى بكر، أن يستغل الرئيس السيسي زيارة الخرطوم لاستثمار علاقات الأخيرة للتهدئة مع أديس أبابا، قال رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية هاني رسلان لـ"الجريدة"، إن النظام الإثيوبي يحاول تصوير الأزمة الداخلية كأنها نتيجة تدخل خارجي ممثل في مصر، لكسب التأييد الشعبي، مؤكداً مشروعية مطالب الأورومو.قمة ثلاثية
في الأثناء، يعقد الرئيس السيسي قمة ثلاثية مع كل من الرئيس القبرصي نيكولاس إنستاسياديس، ورئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس في القاهرة اليوم، لتكون الرابعة بينهم في أقل من عامين. وقال مصدر مسؤول إن القمة من شأنها العمل على تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات بين الدول الثلاث، واستمرار المفاوضات بشأن قضية الغاز، وترسيم الحدود البحرية، وتعزيز التعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب.