تابعت باهتمام بيان وزارة الخارجية الكويتية قبل عدة أيام، الذي عبر عن قلق دولة الكويت البالغ لإصدار الكونغرس الأميركي تشريعا يفتح الباب أمام مقاضاة حكومات الدول الأجنبية، باسم قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، والقانون كما يتفق الكثيرون لا يتماشى مع أسس العلاقات الدولية، ويضرب عرض الحائط بمبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول.

فما "رعاية الإرهاب"؟ وما الذي دفع الكونغرس للتصويت بعدما حصلت المملكة العربية السعودية على البراءة من لجنة الحادي عشر من سبتمبر بشهر أبريل من هذا العام؟ ولماذا صدر القانون من هيئة غير حكومية (الكونغرس)؟ وتجاوز المنطمة التي جمعت حكومات العالم، وأنفقت الجهد والمال لدراسة تداعيات الإرهاب الدولي وهي الأمم المتحدة؟

Ad

اعتدنا أن نستند في قراءتنا للقوانين والأعراف الدولية إلى ميثاق الأمم المتحدة، واليوم نرى القانون "جاستا" يتنافى مع منظومة العمل الدولية، ويثير الفوضى الدولية القانونية على حد تعبير المحللين السياسيين.

ذلك القانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" (جاستا) يسمح لعائلات ضحايا الهجمات الإرهابية (ونتعاطف معهم بالطبع) بمقاضاة الدول الأجنبية، ويلمح وبشكل غير مباشر للمملكة العربية السعودية.

اليوم قانون القضاء الفدرالي أصبح قيداً على الحصانة السيادية الأجنبية، وأثار العديد من التصريحات في الشرق والغرب المعترضة على القانون، فتركيا على سبيل المثال وصفت القانون الذي تجاوز فيتو الرئيس الأميركي أوباما بأنه سيئ، وينافي مبدأ المسؤولية الفردية في حال وقوع جريمة، وتأمل تركيا إعادة النظر في القرار الخطأ وتصحيحه.

وصرح سيناتور أميركي سابق لـ"السي إن إن" أنه لم ير مثل هذا التشريع الذي يزرع الخوف في نفوس الأميركيين، وطرح السؤال الأهم وهو: "هل سيسمح الجاستا بمقاضاة المحاربين الأميركيين الذين شاركوا في حرب فيتنام؟"، أعضاء الكونغرس يوجهون الاتهام للبيت الأبيض بأنه أغفل تثقيف أعضاء الكونغرس بالخطورة والفوضى الدولية، والبيت الأبيض يرى رسالته واضحة. فما العمل؟

لو بحثنا في النظريات لوجدنا رواد النظرية الإقليمية أو "الأقاليمية"، كما يشير إليها المرحوم الدكتور السيد سليم، يؤيدون دور العلاقات الإقليمية لتجاوز الخلافات المعقدة، كالـ"جاستا" وغيره، ولوجدنا مؤيدي نظرية العولمة مثل ديفيد هيلد قد تنبؤوا بعولمة العمل والقضايا البرلمانية، وتداخل الشأن المحلي بالشأن الدولي، كقصية الـ"جاستا" التي تداولها أعضاء الكونغرس ولها آثار دولية غير مسبوقة. فهل تنجح المملكة العربية السعودية في تفعيل اللوبي السعودي أو الإسلامي لاحتواء تداعيات القانون؟ وهل لمنظمة المؤتمر الإسلامي دور؟

نحن في حاجة لتفعيل الدبلوماسية العامة وابتكار المسار الهادئ لتعزيز أواصر الثقة والحوار قبل التفكير باتخاذ القرارات الاقتصادية والاستثمارية.

كلمة أخيرة:

انطلق برنامج "شارع السور" برعاية قطاع الأخبار في تلفزيون الكويت هذا الأسبوع بنكهة جديدة وفريدة من نوعها تجمع بين الخبر والتحليل واستطلاع الرأي، بإعداد وإخراج فريق شبابي من وزارة الإعلام، أما مقدمو البرنامج فهم غالب العصيمي وكاتبة المقال، فانتظرونا الأحد الساعة الثامنة مساءً.

وكلمة أخرى:

قرأت تصريحاً لمسؤولي التعليم عن دعم الجامعات الخاصة، وفي الوقت ذاته خفضت الدولة الحد الأدنى لنسب الابتعاث، وأرسلت الآلاف المؤلفة من الطلبة للخارج، فأين دعم الجامعات الخاصة والدولة تنافسهم؟