توقفوا... المواطنة ليست أداة للابتزاز!
ملف الجنسية الكويتية هو قضية شائكة، طالما استخدم سياسياً منذ الاستقلال، وبدء العمل بالدستور والحياة البرلمانية، بل إن أطرافاً في السلطة لم تتوان عن استخدام الجنسية الكويتية لتحقيق مكاسب سياسية أو حتى لتقويض الحياة الديمقراطية، رغم مخاطر ذلك الاستغلال وآثاره السلبية على جميع مناحي الحياة وتطور البلد.آخر مستجدات هذا الملف هو حكم القضاء لمصلحة الإعلامي ورجل الأعمال أحمد الجبر في قضية إسقاط أو سحب جنسيته وإعادتها له وإبطال القرار الحكومي بهذا الشأن، الحكم هز أركان المجتمع لأن الجميع بدأ يشك في إجراءات الحكومة بهذا الشأن، ولأن الجنسية حاجة لصيقة بالمواطن، كونها تمثل هويته ومستقبله، وليست مجالاً للمغامرة واحتمالات الخطأ والصواب لقرار يتخذه في أي وقت يشاء مسؤول ما.الحكومة تستخدم أسلوب الغموض والشكوك والتخمين، ولا تصرح علناً عن أسباب سحب جناسي شخصيات بعينها لها بعد إعلامي أو سياسي، وربما يكون هذا أمراً مقصوداً لترهيب آخرين أو غالبية الشعب الكويتي حتى أصحاب الجنسية وفقاً للمادة الأولى بأي سبب كيدي أو ملفق يبطل حقهم في الجنسية، وهي ممارسة خطيرة ومتهورة يصبح نتيجة لها المواطن مهدداً في بلده وهويته، وستكون لذلك انعكاسات خطيرة على مضمون المواطنة لا تعي الحكومة مدى سوء انعكاساته على البلد في المستقبل.
الغالبية بالتأكيد مع أي إجراءات حكومية لمراجعة ملف الجنسية الكويتية وسحبها وإسقاطها عن كل من اكتسبها بالتزوير أو التدليس، والتطبيق الكامل للقوانين بهذا الشأن، ولكن ضمن إجراءات شفافة ومعلنة للجميع بالوثائق والبيانات عندما يتخذ أي إجراء ضد جنسية مواطن ما، أما أسلوب الامتناع عن تقديم البيانات والتصريح عن الأسباب حتى للمحاكم فهو سلوك يجعل الحكومة خصماً غير شريف مع أبناء بلدها.نذكر تماماً ما حدث في فرنسا بعد أحداث نوفمبر الماضي الإرهابية وتوجه الحزب الحاكم هناك لإقرار قانون يتم بموجبه سحب الجنسية الفرنسية ممن يتورط في جرائم الإرهاب حتى ولو بأدلة سرية وما نتج عنه من استقالة وزيرة العدل كريستيان توبيرا من منصبها احتجاجاً على هذا المقترح، ولاحقاً تراجعت الحكومة الفرنسية عن هذا القانون وسحبته من المناقشة في البرلمان، كما أن كندا والولايات المتحدة الأميركية منعا إسقاط الجنسية بموجب أدلة سرية.اليوم وبعد حكم جنسية الجبر وقبله حكم محكمة التمييز بإمكانية بت المحاكم في قضايا الجنسية الكويتية، وأيضاً بعد ما يدور من جدل قانوني وسياسي بشأن سحب الجناسي، يجب أن تتوقف ممارسات استخدام هوية المواطن الكويتي في اللعبة السياسية والابتزاز والتهديد والوعيد، فإما سحب جنسية قانوني وفقاً لجرم ارتكبه صاحبها عند الحصول عليها وفقاً لأدلة وأسباب معلنة، وإما أن تحترم الحكومة إنسانية المواطن الكويتي وتعيد له اعتباره وتوقف معاناة أسرته وأهله لأن جنسية البلد أسمى وأهم من أي هدف أو مكسب سياسي.