لماذا اختفت أفلام المناسبا «القومية»؟

نشر في 14-10-2016
آخر تحديث 14-10-2016 | 00:00
قدمت صناعة السينما المصرية أفلاماً شهيرة خلّدت حوادث تاريخية كثيرة، من بينها ذكرى حرب أكتوبر 1973، التي احتفلنا بها منذ أيام، وأخرى عن حرب الاستنزاف، وثورة 52 وغيرها. مع مرور الأعوام، اختفت هذه الإنتاجات رغم قلتها أصلاً. حتى أن ثمة مناسبات، لا سيما نصر أكتوبر المجيد، لم تأخذ حقها عبر تناولها بجدية في أعمال فنية، فيما مناسبات أخرى ما زالت تعاني التجاهل.
هل اكتفى صانعو السينما المصرية بتلك الأعمال التي تعد على أصابع اليد، وتتداولها القنوات الفضائية في أية مناسبة وطنية من دون إنتاج أعمال جديدة؟
رغم تطور صناعة السينما في مصر، وظهور أجيال جديدة من الممثلين والنجوم والمخرجين والمُنتجين في السنوات الأخيرة، فضلاً عن كثير من القنوات الفضائية الخاصة، فإن أفلام المناسبات القومية المسجلة في التاريخ ما زالت ثابتة بلا جديد، تتكرر كل عام، وعليه لم تعد تجذب اهتمام المشاهد كونها محفوظة عن ظهر قلب نظراً إلى تكرارها الدائم، الأمر الذي فتح عليها أبواب السخرية من البعض على مواقع التواصل الاجتماعي.

من جانبه، يرى الناقد نادر عدلي أنه رغم تطوّر صناعة السينما المصرية عبر السنوات الماضية فإن عدد الأفلام التي تتناول مثلاً حرب أكتوبر وغيرها من مناسبات قومية ليست كافية، ولا تتناسب مع عظمة الحدث، موضحاً أنه لا بد من صناعة أعمال عدة في هذا المجال لا يغلب عليها الطابع الاستهلاكي.

كذلك يشير إلى أن السينما الأميركية ما زالت تنتج حتى وقتنا هذا أفلاماً عن الحرب العالمية، وبعض الحوادث الخاصة، وتحقق أرباحاً هائلة، وذلك يشترط دعم الدولة وقوة الإنتاج اللذين يجب تسخيرهما في خدمة هذه الأعمال لتشجيع النجوم والمنتجين على تقديمها، لافتاً إلى أن سبب قلة إنتاج هذه الأفلام التكلفة الكبيرة واتجاه صناعة السينما إلى أفلام تجارية وكوميدية، وغيرها من إنتاجات لا تحمل الطابع الجدي.

في سياق متصل، توضح الناقدة ماجدة خير الله أن توقف هذه الأفلام راجع إلى  صعوبة الحصول على المعدات الحربية ومن يهتمون بها لتحقيق المصداقية وأخذ التصاريح الخاصة بتصوير المشاهد العسكرية أو التاريخية المطلوبة وفقاً لسياق العمل، ذلك نتيجة لظروف الدولة المصرية راهناً وسابقاً.

غياب الدعم

تؤكد ماجدة خير الله أن مؤسسات الدولة غير متعاونة في هذا المجال، مشيرة إلى توقف التلفزيون المصري الرسمي عن إنتاج أي أفلام في الفترة الراهنة سواء المتعلقة بحدث أو مناسبة معينة، أو حتى أفلام الأطفال، نتيجة للحالة الاقتصادية والميزانية المتراجعة، على عكس فترات سابقة كان التلفزيون المصري خلالها ووزارة الثقافة يساهمان بشكل كبير في إخراج أفلام ثقافية وتاريخية مفيدة للمجتمع.

ويربط الناقد محمود قاسم تراجع الإنتاج بغياب الإمكانات المادية ودعم الدولة، فضلاً عن عدم وعي المواطن بأهمية متابعة تلك الأفلام، ما أدى إلى توقف إنتاجها على زمن معين، مطالباً الدولة بحملات توعية بالمناسبات المهمة للحفاظ على تاريخ الدولة.

ويضيف أن الذوق العام للمشاهد تغيّر في وقتنا الراهن نتيجة لمتابعته أفلاماً مشغولة بإمكانات لافتة في السينما العالمية، فيطلب أعمالاً قريبة منها، مؤكداً أن أفلام المناسبات القومية نجحت عند طرحها في السابق لأن ذوق المجتمع كان مختلفاً ويتناسب معها.

كذلك يوضح أن الذوق العام يعتمد اليوم على أفلام معينة، سواء كوميدية أو شبابية عموماً، فتجذب الجمهور ويفضلها على غيرها. أما الأفلام التي تناقش قضايا تاريخية بحتة وحوادث قومية، فتفشل غالباً، ما يدفع المنتجين عنها لأنهم يسعون إلى الربح أو تعويض التكلفة على الأقل.

ويستطرد أننا لو أردنا تجسيد فيلم عن انتصار حرب أكتوبر أو تحرير سيناء، فإننا بحاجة إلى ميزانية عالية جداً ومعدات وطائرات حربية، ودبابات، وملابس عسكرية، يجب أن توفرها مؤسسة القوات المسلحة.

إعادة تشكيل وعي المشاهد

رئيس غرفة صناعة السينما في مصر فاروق صبري يشير بدوره إلى أنه يتمنى إطلاق أفلام مناسبات تعيد تشكيل وعي المُشاهد، لكن إقبال أي مُنتج عليها يتطلّب التفكير الطويل منه، خصوصاً في الوقت الراهن لأنه بذلك سيتنازل عن تحقيق الأرباح بسبب أولويات الجمهور التي من الطبيعي أنها تغيرت كثيراً، رافضاً تحميل الدولة المسؤولية كاملة في عدم إنتاج هذه الأفلام لأن ذلك يرتبط بأطراف متشابكة وليس جهة واحدة، مؤكداً أنه لا بد من أن تتغير الصورة الكاملة للمشاهد وتقبله لهذه الأفلام.

back to top