لبيرج فازليان تاريخ حافل بالإنجازات الفنية، إذ أخرج مسرحيات لفرق لبنانية، تجاوزت المئة باللغات الأرمنيّة والعربيّة والفرنسيّة والتركيّة، وبرز في شكل خاص في إخراج مسرحيّة عصام محفوظ {الزنزلخت}. كذلك أخرج 19 مسرحيّة (بين 1959 و1971 ) لفرقة المسرح الأرمني {فاهرام بابازيان}، وتعاون مع الأخوين رحباني على مدى 16 عاماً فأخرج لهما مسرحياتهما في بيروت وفي مهرجانات بعلبك الدولية. شارك أيضاً في التمثيل في أفلام ليوسف شاهين وهنري بركات وأنطوان ريمي ونيازي مصطفى، وفي فيلم Next of Kin في كندا من إخراج أتوم أغويان... فضلاً عن تدريسه المسرح في الجامعة اللبنانيّة وجامعة القديس يوسف، وجامعة الكفاءات.

نال فازليان ميداليّة {القديس ماشدوتس} من البطريركيّة الأرمنيّة (عام 2000)، وشهادة تكريم من {الجمعيّة الخيريّة الأرمنيّة}، وميداليّة القديسين ساهاك ومسروب.

Ad

أطيب الأصدقاء

تحدّث هاغوب فارتيراريان، الذي كان صديق فازليان، وروى كيف غادر فازليان اسطنبول عام 1951 واستقرّ في بيروت، حيث كان المجتمع الأرمني محترماً من اللبنانيّين كلهم على غرار ما هي الحال اليوم. وأبرز أهمية إنشاء فرقة المسرح الأرمني {فاهرام بابازيان} مشيراً إلى أن {الفرقة الجديدة حملت حياة جديدة ونوعيّة إلى المجتمع الأرمني اللبناني عبر تقديمها أعمالاً للأرمن الشرقيّين والغربيّين ومسرحيّات غير أرمنية}.

 أما الموسيقار الياس الرحباني، فأشار إلى أن عاصي ومنصور الرحباني وبيرج فازليان كانوا {أطيب الأصدقاء، وكان بيرج في المسرح الرحباني مرّة مستشاراً في المسرحيّات وطوراً ممثلاً رائعاً في الأفلام، لافتاً إلى أن فازليان كان مستشاراً في مسرحيّة {المحطّة}، وأدّى دوراً مهماً في فيلم {سفر برلك} وفي مسرحيّة {بيّاع الخواتم}. وقال: {كانت صداقة بيرج والعائلة الرحبانيّة صداقة أهل ومحبّة}.

في كلمته، قال الكاتب ألكسندر نجّار الذي أخرج فازليان مسرحيته {الضفدع} Le crapaud، إن الأخير خاض الأنواع المسرحية، من تراجيدية وكوميدية، وكلاسيكية ومعاصرة، وأشرف على عروض رقص وكوميديا موسيقيّة. وتابع: {في Le Crapaud  كان بيرج محترفاً كبيراً، وصارماً عندما يتطلّب الأمر ذلك، وتقريباً أباً للفرقة كلها، في الوقت نفسه. كان يحبّ التعاون مع العائلة، فنفذت زوجته سيرو تصاميم الملابس، وابنه هاروت الموسيقى، وكنا جميعاً فخورين وسعداء بهذا التعاون. شكّل ذلك إحدى أهم ذكرياتي ككاتب وأعتقد أنّ الفضل في تعلّقي بالمسرح يعود إلى بيرج، ولهذا السبب سيكون لي في يناير المقبل عمل مسرحي ثان أهديه له}. ختم بأن فازليان

سيبقى نموذجاً للفنّان الصادق والوفي لأصدقائه والشغوف بعمله}.

  

رحيل الكبار

روى الممثل رفعت طربيه تجربته الأولى مع فازليان في مسرحية {جبران خليل جبران} (1996)، ثم في {حلم ليلة صيف} لشكسبير. ووصف فازليان بأنه {كان إنساناً رائعاً كزميل وصديق وكأستاذ في المسرح}. وأضاف: {يقولون إنني تعلّمت المسرح قبل أنْ أتعرّف إلى بيرج بسنوات، ولكني مصرّ على أنّ أحد أساتذتي الكبار كممثّل هو بيرج فازليان}.

ولاحظ طربيه أن {خمسة مسرحيين كباراً رحلوا في السنتين الماضيتين وهم يعقوب الشدراوي وفاروجيان هاديشيان وبيرج فازليان وريمون جبارة ومنير أبو دبس}، وقال: {المؤسف والمفجع أننا لا نجد أحداً يمكن أن يحلّ مكانهم}. وتابع: {المؤسف أكثر أنّ بيرج الذي نفّذ {فخر الدين} مع الرحابنة، علماً أن فخر الدين والرحابنة من الأمور القليلة التي لا نختلف عليها في لبنان، وبيرج الذي تمثّلت الدولة اللبنانيّة بأعلى مراتبها في مراسم دفنه، مات ولا تزال هويّته لغاية اليوم قيد الدرس}.

فنان بدوام كامل

في ختام التكريم ألقى نجل بيرج فازليان، قائد الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية المايسترو هاروت فازليان، كلمة قال فيها: «تعلّمت من والدي أنّه لا يمكن أن تكون فنّاناً بدوام جزئي. فإمّا أن تكون فنّاناً أو لا تكون. كان والدي فنّاناً بدوام كامل». أضاف: «تعلّمت منه الانضباط تجاه الفن والتضحّية لأجله»، مشيراً إلى أن والده «كان متعدّد الموهبة، إذ كان مخرجاً رائعاً وممثّلاً رائعاً، ورسّاماً أيضاً».