على وقع توتر محسوس في العلاقات المصرية - السعودية، خرج الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس، معبراً عن الثوابت المصرية في قضايا الأمن القومي المتصلة، مشدداً على أن سياسة القاهرة هي "الحفاظ على الأمن القومي العربي برؤية مصرية".

السيسي الذي بدا منفعلاً، خلال كلمته على هامش الندوة التثقيفية للقوات المسلحة أمس، وجه عدة رسائل للتأكيد على ثوابت السياسة الخارجية المصرية، التي تلقت عدة انتقادات خلال الفترة الماضية، إذ أكد أن مصر تنتهج سياسة تتسم بالاعتدال والتسامح والاستقلالية في القرار، وأضاف أن ثوابت السياسة المصرية لن تتغير، وأن هذه السياسة ناتجة لدراسة تجارب الآخرين، مشيرا إلى تجارب محمد علي باشا وجمال عبدالناصر "التي لم تكتمل".

Ad

وفيما له علاقة بالعلاقات مع السعودية ودول الخليج، بدا أن الرئيس راغب في التهدئة، إذ شدد على أنه "لا يستطيع أحد التدخل في العلاقة الوطيدة بيننا وبين أشقائنا في الخليج، لكن لنا سياسة مستقلة في الحفاظ على الأمن القومي العربي في إطار الرؤية المصرية"، مؤكدًا أن موقف بلاده ثابت من الأزمة السورية، وهو "إيجاد حل سياسي للأزمة يضمن وحدة الأراضي ويحترم إرادة الشعب السوري، وينزع أسلحة الجماعات المتطرفة، مع إعادة إعمار سورية، وهذا ما صوتنا عليه في مجلس الأمن، وتصورنا أن أشقاءنا في الخليج ليس لهم اعتراض على ذلك".

وبرر تصويت مصر على القرارين الروسي والفرنسي في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، بأنه ليس متناقضا، "ولكن القرارين يضمان فقرة للهدنة والسماح لدخول المساعدات، وكان هذا الدافع للموافقة".

وردا على تقارير عن إيقاف شركة أرامكو لشحنة مشتقات البترول المستحقة لمصر خلال شهر أكتوبر الجاري، قال السيسي: "أخذنا إجراءات بديلة لحل الموقف، ولا نعرف ظروف هذه الشركات".

وأشار إلى أن "مصر دولة لها استقلالها وسيادتها وإرادتها، وهذه ثوابت نضعها مع فريق عمل متكامل، حيث إن لمصر سياسة منفتحة بقرار مستقل"، وقال: "نعتنق عدم التدخل في شؤون الآخرين، وعدم التآمر على أحد رغم اعتقاد بعض السياسين بأن هذه السياسة قد لا تنجح، ولكنني أرى أنها لا تتعارض مع سنن الوجود".

تفنيد اتهامات

ورداً على اتهامات أديس أبابا لمصر بدعم المعارضة الإثيوبية، قال السيسي: "منذ أن كنت وزيرا للدفاع ونحن نحترم الغير، ونتمنى له الخير، طالما يحافظ على حقوق مصر، وقد أكدت ذلك للجانب الإثيوبي من قبل، وقد اتفقنا أن أمامنا طريق المواجهة أو التعاون، وقد اخترت التعاون، ولنحافظ على حقهم في التنمية وحقنا التاريخي في المياه"، وتابع: "هناك شائعات انتشرت بدعم مصر قوة معارضة... مصر لم ولن تقوم بعمل تآمري ضد إثيوبيا، ولا تدعم المعارضة الإثيوبية، بل تدعم خيار التعاون مع الأشقاء الإثيوبيين".

خطاب للشعب

وتحدث السيسي للشعب المصري قائلا: "عايزين يا مصريين تبقى عندكم استقلالية بجد، ماتاكلوش وماتناموش"، وأوضح أن "استقلال القرار يعكس الشرف والخلق قبل كل شيء"، وتابع قائلاً: "الدولة المستقلة في قرارها تعاني كثيراً، وسيقول البعض: متفقناش على كدا"، فرد الحضور في الندوة التثقيفية: "معاك يا ريس".

وشدد على أن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد تتطلب تحمل جميع فئات الشعب، وتوافر إرادة حرة لذلك، مشيراً إلى أن العلاقة بين مصر ودول الخليج راسخة واستراتيجية، وما يتم حاليا هو محاولة لتخريب تلك العلاقات، وعزل مصر عن أشقائها، وأشار إلى أن هناك شائعات ومحاولات لتخريب الداخل، وأنه يتابع جيداً مواقع التواصل الاجتماعي، وقال إن "مصر تركع لله فقط"، ردًا على مقولة الدبلوماسي مصطفى الفقي، بأن "مصر لن تركع".

وأكد أنه لا مشكلة لديه في أي تحديات "طالما المصريون على قلب رجل واحد، ويد واحدة في مواجهة تلك التحديات"، وأشار إلى أن "مصر أمة تتعامل بقيم شريفة في وقت عز فيه الشرف"، ووجه رسالة إلى وسائل الإعلام، بضرورة نقل المعلومات الصحيحة، وتبني القضايا الوطنية، وقال: "يسألونني لماذا تطول بالك، فأرد بأن المصريين كلهم أهلي وناسي، ولا أتمنى أي مواطن مصري يقول لفظ مسيء ضد أي شخص حتى لو حمل الآخر الإساءة".

الوديعة السعودية

وبينما يسجل الجنيه المصري تراجعا قياسيا أمام الدولار الأميركي، سادت أجواء إيجابية في الشارع المصري، أمس، مع إعلان البنك المركزي المصري أمس الأول، تلقيه وديعة بقيمة ملياري دولار من المملكة العربية السعودية ضمن اتفاق سبق توقيعه بين البلدين خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة شهر أبريل الماضي.

وبينما سجلت البورصة المصرية أعلى افتتاح في جميع بورصات العالم أمس، محققة مكاسب بنحو 11.1 مليار جنيه، قال مصدر مسؤول بالبنك المركزي إن الوديعة من شأنها العمل على زيادة احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي، كاشفا عن زيادة الاحتياطي ليصل إلى نحو 21.59 مليار دولار أميركي، بعد إعلان سابق للمركزي الأسبوع الماضي بزيادة صافي الاحتياطي بنحو ثلاثة مليارات دولار مع نهاية شهر سبتمبر ليصل إلى 19.59 مليار دولار، دون الإفصاح عن مصدر الزيادة.

وتنتظر مصر وصول وديعة إماراتية لا ترد نهاية هذا الشهر بقيمة مليار دولار، لدعم الاحتياطي النقدي، فيما تتفاوض القاهرة مع بكين على إرسال الأخيرة قرضا بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وحال وصول هذا القرض سيرتفع الاحتياطي إلى المستوى الذي ترغب معه القاهرة في اتخاذ خطوتها لخفض الجنيه رسميا أمام الدولار الذي اقترب من الوصول إلى 16 جنيها في السوق الموازي.