عتب الناس على الحكومة والمجلس بلغ حد السخط، خلال الأيام القليلة الماضية، لا بسبب بدء حزمة الإصلاح الاقتصادي بجيوبهم من خلال رفع أسعار البنزين، بل بسبب الإساءة إليهم بهبة السبعة دنانير الشهرية بدعوى تخفيف وقع الزيادة عليهم، وكأنهم متسوّلون قرر المحسن إليهم رفع قيمة الصدقة الموهوبة لهم!الشعب الكويتي الكريم يستحق قرارات لا تصادم حشمته وأنفته، ولا يستحق ذلك الفتات الذي حاول القرار الأخير من السلطتين ذَرّه في أفواه الناس، ظناً أنهم يرفضون الزيادة من حيث المبدأ وأنها زيادة مرهقة لهم، في حين أنهم يرون أن ما ينفع موازنة الدولة يجب أن يبدأ أولاً بمحاربة الفساد وسوء الإدارة الحكومية، ووقف الهدر والتبذير الرسمي، وكبح جماح الهبات وشراء الولاءات بالعلاج السياحي، وغيره من الوسائل التنفيعية على حساب المال العام. وكذلك الشعب كان يأمل وقف المنح للخاصّة والمقربين، وتقليص أوجه البذخ في الصرف الحكومي والإغداق على المعونات والهبات الخارجية، وترشيد المناقصات المليارية وتقاضي الضرائب عليها وعلى أرباح الشركات العائلية وغيرها من الشركات غير المشمولة بالاستحقاق الضريبي، ورفع رسوم القسائم الصناعية والشاليهات وأملاك الدولة الأخرى المدرة للملايين بجيوب البعض، مقابل عوائدها الزهيدة للدولة، ومن ثم، وبعد ذلك كله، التوجه إلى جيوب المواطنين من خلال البنزين والماء والكهرباء وغيرها من الرسوم.
ازداد الألم حدة حين ذرّت المعالجة الحكومية والنيابية الملح على جرح المواطن علّها تسكته بسبعة دنانير شهرية لم يطالب بها أصلاً، والتي سارع البعض دون تروٍّ بتبشير الشعب الكويتي بها تسريباً من اجتماع السلطتين، وكأنها قد حققت له النصر المبين، إلا أن البشارة ارتدت إلى مطلقيها تندراً ونقمة!كان من الأجدر والأكرم للناس أن يضغط المجلس على الحكومة في اجتماعهما المشترك الأخير لتوجيه مبالغ الزيادة بأسعار البنزين للصرف على ما ينفعهم في حاضرهم ومستقبلهم، وهو رفع مستوى التعليم والتطبيب العام، وهو ما يمثل القيمة المُضافة الحقيقية للمشاركة الشعبية في الأعباء.الأنكى من ذلك كان قرار الحكومة بخفض بدل الإيجار لسكن المعلمين الوافدين من ١٥٠ إلى ٦٠ ديناراً، بدلاً من توجيه جزء من زيادة البنزين لتمويل تلك الخدمة، قرار الخفض هذا سوف يضع المعلمين الوافدين في ضيق معيشي ونفسي بائس، يضاعف مِن بؤس مستوى التعليم العام الذي نعانيه كل يوم، فضلاً عن أن هذا القرار سوف يضغط باتجاه آخر، وهو انحسار جاذبية الكويت للأكفاء من المعلمين الوافدين، والخاسر الأكبر هو نَشْؤنا الصاعد!متى يا حكومة ويا مجلس نحسن اتخاذ قراراتنا وأولوياتنا، ونحسن الظن بهذا الشعب الأبي الصابر الذي يستحق الأفضل، بدلاً من هذه البهدلة والتخبط في القرارات؟ ولكن يبدو أن الشكوى لغير الله مذلّة! أخيراً، كنا في حوارٍ راقٍ مع شخصية برلمانية رفيعة ذكرت أن مجلساً في خواتيم عمره ومقترباً من الانتخابات هو مجلس تحكم الأغلبيةَ فيه الرؤى الانتخابية لا الإصلاحية المستحقة، خاصة في مرحلة الضائقة المالية والاقتصادية، وعليه يبدو أننا نقترب من انتخابات مبكّرة لتشكيل مجلس يُفترض أن يكون أكثر قدرة على الإصلاح... والله أعلم! ***رحم الله النائب السابق فلاح الصواغ وأسكنه فسيح جناته، ونرجو أن يكشف تحقيق الصحة الخطأ ويحاسب المخطئ، فأرواح البشر ليست ملعباً للعابثين.
أخر كلام
6/6 : الشعب يستحق الأفضل
14-10-2016