ما قاله قائد "عصائب أهل الحق الصادقون" قيس هادي الخزعلي، في تهديدات أطلقها من مكان قريب من أبواب مدينة الموصل (الحدباء)، يدل دلالة قاطعة على أن إيران، النظام الإيراني، مصممة على إقحام هذه المنطقة العربية في حروب مذهبية وطائفية قذرة بين الإخوة في الإسلام وفي الانتماء القومي وفي الوطن العربي، الذي كان ذات يوم موحداً وواحداً قبل أن تمزقه أطماع الدول الاستعمارية، ويتحول إلى كل هذه القطع "الفسيفسائية" التي غدت تستدرج استدراجاً الأطماع الخارجية.

إن المفترض أن الحرب التي يجري الإعداد لها في الموصل (الحدباء) هي حرب على "داعش"... هذا التنظيم الإرهابي الذي تم "اختراعه" لتشويه الإسلام بتسميته "الدولة الإسلامية"، ولإعطاء روسيا وإيران ونظام بشار الأسد المبرر لذبح المعارضة السورية والقضاء عليها بإلصاق التهمة الإرهابية بها... وأيضا للانتقام من السنة العرب واقتلاعهم من سورية وتشتيتهم كلاجئين وبالملايين في أربع رياح الأرض.

Ad

لكن ما من المؤكد أنه جَرَحَ الوجدان القومي العربي للعرب كلهم الشيعة قبل السنة هو تلك التهديدات التي أطلقها قيس الخزعلي من مكان قريب من أبواب "الحدباء" ليس ضد "داعش" بل ضد من أسماهم صاحب عصائب أهل الحق بأنهم أحفاد قتلة الحسين: "إننا ذاهبون إلى الموصل لإقامة دولة العدالة الإلهية وللانتقام، لأن هؤلاء هم أحفاد الأجداد الذين قتلوا الحسين في كربلاء".

فماذا يعني هذا؟... إنه يعني أن إيران عازمة ومصممة على افتعال فتنة طائفية ومذهبية بين العرب أنفسهم، والدليل الواضح هو أن هذه التهديدات التي أطلقها قيس الخزعلي بالقرب من أبواب الموصل جاءت في الوقت الذي كان يشارك "النجباء" ومعهم ميليشيات حزب الله اللبناني والعديد من التشكيلات المذهبية في حصار حلب "الشهباء"، إلى جانب حراس الثورة الإيرانية، وإلى جانب باقي ما تبقى من جيش بشار الأسد، وبغطاء جوي من القاصفات الاستراتيجية الروسية.

وهنا وللتصدي لهذه الفتنة الشيطانية الخطيرة جداً، فإن المفترض ألا يصمت الشيعة العرب الذين كانوا دائماً وأبداً في طليعة المدافعين عن العروبة وعن الأمة العربية، فهذه المؤامرة القذرة فعلاً تستهدفهم كما تستهدف إخوتهم في العروبة، السنة العرب، كما تستهدف "دولهم" التي هي جزء من الوطن العربي، وجزء من حلم الدولة العربية الواحدة... لابد من التصدي لهذه الفتنة التي لم تعد نائمة، والتي للأسف كانت إيران قد أيقظتها عندما أعطت المواجهة المحتدمة في هذه المنطقة، في العراق وسورية تحديداً، أبعاداً طائفية ومذهبية تتحكم فيها لحظات مريضة في التاريخ العربي والإسلامي تعود لأكثر من ألف وأربعمئة عام!

الآن يجب أن يسمع أهل الموصل، الذين هم ليسوا بالتأكيد أحفاد أولئك "الأجداد" الذين ارتكبوا مذبحة طف كربلاء، ولا يمتون لهم بأي صلة، أصوات إخوتهم الشيعة العرب... لا يجب السكوت عن هذه التهديدات الخطيرة التي أطلقها قيس الخزعلي، والتي يقيناً لو أن إيران لا تريدها لما تجرأ صاحب "عصائب أهل الحق" على إطلاقها، لأن هدفها وفي هذا الوقت بالذات هو المزيد من صب الزيت على نيران الفتنة المشتعلة في العراق وسورية... وأيضاً في لبنان واليمن!