فوجئت بخبر تقديم استقالة الأستاذ عبدالله المطيري مدير معرض الكويت للكتاب من منصبه، وعلمت بأن استقالته جاءت احتجاجاً على عدم إنصافه وتقدير جهوده ودوره ونشاطه الملحوظ في تطوير مستوى الكتاب والثقافة التي يلاحظها كل من هو مهتم بهذا الشأن، بل وتقلُّد آخرين مناصب قيادية دون خبرة ورؤى ونشاط ملحوظ.

والأستاذ عبدالله رجل يمتلك الخبرة والرؤية للتطوير ولعب دوراً كبيراً في إنجاح معارض الكتاب في الكويت على مدى السنوات الخمس الماضية، كما أنه كوّن شبكة علاقات واسعة مع معارض الكتاب ودور النشر في العديد من الدول، الأمر الذي جعله شخصا محبوبا للجميع فضلاً عما يتمتع به من قبول واسع بين الأدباء والمفكرين، وهو أمر كان صِمَام أمان لعدم انسحاب دور النشر التي تعترض على إجراءات الرقابة التعسفية في بعض الأحيان، والتي قد تتسبب في إفشال المعرض أو إرباك نشاطه، كما أنه سعى إلى تحقيق أهداف وطموحات المجلس الوطني بصمت وبإخلاص، بعيداً عن ضوضاء الإعلام والتكسب، ولسان حاله يقول "عملي ونجاحي هما من يتحدثان عني".

Ad

عبدالله المطيري نجح في إدارة معرض الكويت وتطويره تكنولوجياً وفنياً وبدلاً من دعمه وتشجيعه فوجئ بتخلي المجلس عنه وتمكين من لا خبرة لديهم ولا خطط ليتقلدوا المناصب القيادية، وهو أمر محبط ومؤلم أصبح طارداً للمتميزين والمبدعين والمخلصين في الكويت وفي معظم أجهزة الدولة، الأمر الذي يجعل الموظف المخلص في عمله يتساءل: وماذا بعد الإخلاص في العمل وتطويره طالما أن سياسة حب الخشوم والمحسوبيات هما الوسيلة التي تجلب المناصب العليا دون تعب وإخلاص؟!

اليوم الكويت تتراجع في معظم المجالات، والسبب هو سوء الإدارة ووضع الرجل غير المناسب مكان المناسب بفضل المحسوبيات والواسطة التي باتت تشكل حاجزاً يصعّب التمييز بين الكفاءة وإسهامات المرء الفعلية وبين المعرفة والنفوذ، إذ أصبحت تلك الواسطة هي الوسيلة الوحيدة لتقلد المرء مناصب عليا دون النظر إلى الكفاءة والإبداع والتطوير، إلى درجة أن ذلك بات ثقافة عامة ينتهجها المجتمع ليصل إلى غاياته حتى وإن كان غير مقتنع بها، أو كانت مدمرة لإدارة العمل وتنتهك المواطنة الحقة.

يعني بالعربي المشرمح:

لست بصدد الدفاع عن عبدالله المطيري، ولكنني ذكرته كمثال حي للمواطن الصالح الذي يخلص في عمله ويلتزم بمسؤولياته وواجباته الوطنية معتقداً أنها ستحقق له حياة إنسانية متكاملة في ظل الدستور ومبدأ تكافؤ الفرص، مؤمناً بالارتباط المنطقي بين الجهود الشخصية الإيجابية في الالتزام بواجبات المواطنة والدعوة إلى تطبيقها في الحياة اليومية، وبين ما يمكن للفرد الحر والمستقل، خصوصا الذي لا ينتمي إلى تيار سياسي أو فكري معين، تحقيقه من نجاحات شخصية مشروعة، ولكن حين يصل أحد المواطنين الصالحين إلى شبه قناعة بأن مثاليته الأخلاقية والوطنية والتزامه بمتطلبات المواطنة الحقة، وحرصه على تكريس الثوابت الوطنية في بيئته الوطنية، لم تؤدِ، على ما يبدو، إلى ربْط آماله وتطلعاته المشروعة بالنجاحات والرقي الاجتماعي، فكيف يستطيع المواطن الصالح عندئذ الاستمرار في إيجابيته وتفاؤله ودعوة مواطنيه الآخرين إلى ممارسة المواطنة الهادفة، وهو يرى ويشاهد ما يحصل على أرض الواقع من فساد إداري متمثل في المحسوبية والواسطة؟!