في الولايات المتحدة واجهت مجموعة علي بابا عملاق الإنترنت الصيني خليطا من مشاعر الامتعاض والرضا في آن واحد، مما يعكس طبيعة المشاعر المتضاربة التي يكنها الأميركيون تجاه واحدة من كبريات الشركات الصينية الخاصة وممارساتها التجارية المثيرة للجدل في بعض الأحيان. وفي خطوة رئيسية أكثر تفاؤلاً وقعت وحدة صناعة الأفلام في هذه المجموعة عقداً جديداً مع المخرج ستيفن سبيلبرغ للمشاركة في انتاج أفلام من مؤسسته الترفيهية أمبلين انترتينمنتAmblin Entertainment وتوزيعها في الصين. ولكن مجموعة علي بابا، وفي موقف أقل ودية، تعرضت لهجوم من مجموعة صناعة ملابس أميركية كبرى لعدم قدرة الأخيرة على تحقيق تقدم في معركتها الرامية الى القضاء على المتاجرة في بضائع من دون ترخيص عبر أسواق الـ"أون- لاين".
ومن المؤكد أن "علي بابا" ليست الوحيدة في الممارسات المثيرة للجدل مثل استضافة مواقع تتم فيها بصورة متكررة المتاجرة ببضائع من دون ترخيص، وأبرزها تاوباو سي 2 سي الذي يشبه السوق الذي تديره شركة اي بيه eBay الأميركية العملاقة. وسمحت رائدة البحث أون لاين بيدو Baidu في السابق بالمتاجرة بالموسيقى من دون ترخيص على أحد مواقعها الشعبية، كما ظهرت في وقت سابق من هذه السنة في خضم فضيحة كبرى بسبب ممارستها القديمة في خلط روابط مكفولة مع عناوين البحث في موقعها.وكانت "علي بابا" في صلب فضيحة مماثلة قبل نحو عامين عندما انتقد أحد المنظمين الرئيسيين للتجارة في الصين تلك الشركة بعد أن أظهرت دراسة أن نحو ثلثي البضائع التي تتم المتاجرة بها على تاوباو كانت مزيفة. ووعدت "علي بابا" بتشديد الرقابة على مواقعها على أمل أن تتفادى تضمين اسمها في قائمة واشنطن السنوية لمواقع القرصنة "الرديئة السمعة" التي نشرت في وقت متأخر من السنة الماضية.أحد أكبر نقاد مجموعة علي بابا خلال هذه العملية كانت صناعة الملابس الأميركية التي عبرت جمعيتها "الجمعية الأميركية للملابس والأحذية" عن شكوك متكررة في جهود "علي بابا" الرامية الى تنظيف مواقعها. وأصدرت تلك الجمعية مؤخراً بياناً يدعو ممثلي مكتب التجارة في الولايات المتحدة الى وضع اسم "علي بابا" على النسخة التالية الأخيرة من قائمة القرصنة من "الأسواق السيئة السمعة" التي يحتمل أن تصدر في ديسمبر أو يناير.وتقول تلك الجمعية في بيانها، إنها طلبت بشكل رسمي من ممثلي مكتب التجارة الأميركي القيام بهذه الخطوة قائلة، إنها لم تشهد بعد أي تحسن في تسويق "علي بابا" على الرغم من بيانات الشركة المتعددة حول قيامها بإجراء نشط في هذا الشأن. وقد ردت "علي بابا" على ذلك بالقول، إنها أذعنت لمطالب مكتب ممثلي التجارة الأميركي، مضيفة أنها "تتعاون بصورة روتينية مع ماركات وجمعيات وهيئات تنظيمية للحفاظ على نزاهة أسواقها".
قراصنة مراوغون
وحقيقة الأمر أن القرصنة تنتشر بشدة في الصين ومن الصعب جدا مراقبة سوق مثل تاوباو حيث يستطيع أن يفتح بسرعة وسهولة متجراً جديداً بعد إغلاقه من "علي بابا" بسبب بيع بضائع من دون ترخيص. ولذلك السبب سيكون من الصعب تماماً بالنسبة الى "علي بابا" القضاء على هذه المشكلة، وقد أغلقت جي دي دوت كوم المنافسة سوقها المماثل من سي 2 سي في السنة الماضية لأسباب مماثلة.ولا سبيل لأن تفكر "علي بابا" في اغلاق تاوباو نظراً لأنه يحقق دخلاً مالياً ضخماً للشركة. ولكنها قد تضطر الى تحسين انفاقها بصورة جدية على عمليات وقف المتاجرة ببضائع من دون ترخيص على الموقع، على الرغم من أنني أشك في امكانية ورود اسمها على القائمة الجديدة من الشركات "الرديئة السمعة" نتيجة الشجب الأخير من جانب جمعية الملابس والأحذية الأميركية. ويعقب ذلك الخبر تطور أكثر ايجابية بقدر كبير من هوليود متمثل في الاعلان عن تعاون رئيسي جديد بين أمبلين بارتنرز Amblin Partners التابعة للمخرج سبيلبرغ والشركة المدرجة بصورة منفصلة علي بابا بيكتشرز. وسيشهد هذا الاتفاق الخاص قيام الطرفين بانتاج وتمويل مشترك لأفلام وتوزيعها وتسويقها في الصين.وهذا الاتفاق هو الأخير في علاقة ودية حديثة بين هوليود والصين والتي من المحتمل أن تصبح مبيعات تذاكرها المتنامية بسرعة الأعلى في العالم خلال العقد المقبل. والشراكة الأحدث المماثلة حدثت في الشهر الماضي عندما وقعت أكبر شركة سينمائية في الصين وهي واندا غروب Wanda Group عقد شراكة مع سوني بيكتشرز Sony Pictures لتصبح الأولى التي تحقق مثل هذا الاتفاق مع استديو هوليود.ويعقب هذا الاتفاق الأخير استثمارات "علي بابا" السابقة في أفلام فردية في هوليود بما فيها تلك الشعبية مثل مسلسلات "مهمة مستحيلة" و"ستار ترك Star Trek" و"Teenage Mutant Ninja Turtles". وتختلف هذه الشراكة عن سابقاتها، لأنها اتفاقية استراتيجية أوسع مشابهة لاتفاق واندا مع سوني، وأتوقع أن نشهد مزيدا من مثل هذه الشراكات في المستقبل.