الحاجة ملحة للتفاهم حول سوق النفط لتأجيل مصيدة الاقتراض وخفض مستوى عدم الثقة
الفشل في التعامل مع أوضاع مالية صعبة يعني فشلاً اجتماعياً وسياسياً أيضاً
قال «الشال» إن أزمة سوق النفط الحالية تختلف عن سابقتها، لأن ضعف نمو الاقتصاد العالمي بات حقيقة طويلة الأمد، وشمل الدول المستوردة للنفط والغاز، فضلاً عن أن التقدم التقني وضع سقفاً أعلى لهبوط برميل النفط، في حين بات مستوى النفقات العامة بالدول النفطية عالياً جداً بسبب إغراءات التوسع المالي في زمن رواج السوق.
أكد تقرير الشال الأسبوعي وجود حاجة ملحة للتفاهم حول سوق النفط لتأجيل مصيدة الاقتراض وخفض مستوى عدم الثقة، وذلك لن يحدث إلا بعد قناعة كل الأطراف ومعها إيران وروسيا بأن الصدامات المباشرة أو صدامات الوكالة، هي تكرار غير ذكي لتجربة الحرب العراقية الإيرانية ثم غزو الكويت. وأوضح "الشال" أنه رغم أن دول الإقليم حينها دخلت أزمة مالية رئيسية، فإن أهميتها الاستراتيجية كانت عالية مما دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى التدخل لدعم سوق النفط لإنقاذه، كما كان النمو الاقتصادي الصيني والهندي غير المسبوق عنصراً أساسياً في استعادة سوق النفط لعافيته. وأضاف أن اليوم، عدد السكان أكبر، والنفقات العامة أعلى بكثير، والتقنيات الحديثة وضعت سقفاً أعلى لهبوط أسعار النفط، والتلاحم الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية بات مجرد تاريخ، وقانون جاستا -JASTA- دليل ومثال، والصين في أدنى معدلات نموها. لا رأفة ولا وصاية باتت متوقعة من العالم حولنا، وبات علينا أن نعالج أوضاعنا وحدنا، وتجارب العالم تؤكد أن تجاوز مثل هذه الأزمات لا يتحقق إلا بالتلاحم الداخلي والتعاون الإقليمي، وحتى اللحظة، وضع دولنا معاكس.
وبين أنه عندما حدثت أزمة العالم المالية في 2008، هبطت أسعار النفط بشدة حين فقدت نحو 60 في المئة من مستوى ما قبل الأزمة، ورغم أن الأزمة كانت في بداياتها، قدمت "أوبك" موعد اجتماعها الوزاري من 18 نوفمبر 2008 إلى 24 أكتوبر 2008، أي بنحو 25 يوماً. تلك الحمية لم تكن مطلوبة حينها، ورغم ذلك عقد الاجتماع واتخذ وزراؤها قرارا بخفض الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً، أو بنحو 5.2 في المئة، وكان قراراً مستعجلاً، ولم يُحترم كالعادة. ولكن، التعافي السريع لأداء الاقتصاد العالمي وما تبعه من أحداث جيوسياسية في دول نفطية أو قريبة منها، وربما برغبة استراتيجية من الدول المستهلكة في تطوير تقنيات النفط غير التقليدي، أعادت أسعار النفط إلى مستويات عالية قياسية.
الأزمة الحالية
وأشار إلى أن أزمة سوق النفط الحالية، مختلفة عن سابقتها، فضعف نمو الاقتصاد العالمي بات حقيقة طويلة الأمد، والضعف شمل الدول المستوردة للنفط والغاز، والتقدم التقني وضع سقفاً أعلى لهبوط برميل النفط، ومستوى النفقات العامة في دول النفط بات عالياً جداً بسبب إغراءات التوسع المالي في زمن رواج سوق النفط، والإيرادات المالية التي باتت شحيحة، أصبحت توجه بشريحة متزايدة لتمويل الصدامات الجيوسياسية. وعليه باتت المخاطر عالية، فالفشل في التعامل مع أوضاع مالية صعبة، يعني فشلاً اجتماعياً وسياسياً أيضاً، ونماذج تلك المخاطر بدأت من فنزويلا، والفاصل بين حدوثها لدول نفطية أخرى، هو الوقت، إن استمرت في ارتكاب الخطايا. ولفت الى أن دول مجلس التعاون الخليجي الست مثلاً، من المقدر لها أن تحقق عجزاً مالياً للعام الجاري 2016 بحدود 130.8 مليار دولار، وأن يبلغ العجز المالي المتراكم حتى عام 2021 نحو 473.1 مليار دولار وفقاً لأرقام صندوق النقد الدولي. ذلك صحيح، رغم مرور عامين على ضعف سوق النفط وإعلانها سياسات إصلاح مالي، ورغم التوقعات بتحسن أسعار النفط عن مستواها الحالي. ونتيجة تفاوت قدراتها المالية، فبعضها لن يحتمل الصمود حتى عام 2021. وأوضح التقرير أن الضغط سيبدأ في سوق العمل بارتفاع معدلات البطالة، وعجوزات الموازين الخارجية، وقد يؤدي ذلك إلى خفض سعر صرف عملة أو أكثر، بما يترتب عليه من ضغوط تضخمية تخفض الدخول الحقيقية وتفاقم من أزمة البطالة.2017 سيكون أصعب على البنوك لو استمر انخفاض سيولة وأسعار رهوناتها
ارتفاع المصروفات التشغيلية أهم مبررات هبوط أرباح المصارف خلال النصف الأول
قال تقرير الشال إنه توقع في العام الفائت أن ربحية قطاع البنوك ستتعرض لضغوط في العام الجاري، ورغم أن قطاع البنوك المحلي يتكيف مع بيئة تشغيل صعبة بسبب ضعف أسواق النفط والأحداث الجيوسياسية الساخنة، فإن العام المقبل سيكون أكثر صعوبة إن استمرت سيولة وأسعار رهوناتها بالانخفاض.وذكر التقرير أنه أنهى الأسبوع الماضي آخر تحليل له حول أداء الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وشملت 10 بنوك كويتية بشكل منفرد. وتشير الأرقام المجمعة إلى أن صافي أرباح البنوك، بعد خصم الضرائب وحقوق الأقلية، بلغ نحو 357.1 مليون دينار، وبانخفاض مقداره 14.1 مليون دينار، وبنسبة بلغت نحو -3.8 في المئة، مقارنة بنحو 371.2 مليونا، للفترة ذاتها من 2015. وبين أن مبررات الانخفاض تمثلت بارتفاع في المصروفات التشغيلية بقيمة أعلى من ارتفاع الإيرادات التشغيلية (نظراً لوجود أرباح استثنائية في الفترة المقارنة). وعند مقارنة أرباح الربع الثاني مع أرباح الربع الأول، نجدها انخفضت بنحو -5.2 في المئة، وصولاً إلى نحو 173.8 مليون دينار، بينما ارتفعت ارتفاعاً طفيفاً، بنحو 0.2 في المئة عند مقارنتها مع أرباح الربع الثاني من 2015. وأشار إلى أن أرباح البنوك التقليدية، وعددها خمسة بنوك، بلغت نحو 229.3 مليون دينار، ومثلت نحو 64.2 في المئة من إجمالي صافي أرباح البنوك العشرة، ومنخفضة بنحو -10.6 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. بينما كان نصيب البنوك الإسلامية نحو 127.9 مليون دينار، ومثلت نحو 35.8 في المئة من صافي أرباح البنوك العشرة، ومرتفعة بنحو 11.5 في المئة عن مستواها في الفترة نفسها من العام الماضي، أي أن أداء الشق الإسلامي من البنوك خلال النصف الأول كان أفضل.وتشير بيانات الأداء المالي بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، إلى ارتفاع إجمالي الإيرادات التشغيلية للبنوك بنحو 7.2 في المئة، مقارنة بارتفاع أعلى لمستوى المصروفات التشغيلية بحدود 17.2 في المئة، مما أدى إلى انخفاض صافي إيرادات التشغيل قبل خصم المخصصات إلى نحو 657.7 مليون دينار مقارنة بنحو 690.8 مليونا، أي بانخفاض بلغ نحو -4.8 في المئة، وانعكس الأثر مباشرة على انخفاض قيمة صافي أرباح البنوك.ولفت الشال إلى أن إجمالي المخصصات (شاملاً مخصصات خسائر الائتمان وخسائر انخفاض القيمة) التي حجزتها البنوك الكويتية في النصف الأول بلغ 272 مليون دينار، منخفضة بنسبة -0.6 في المئة عن مستوى مخصصات النصف الأول من 2015. وأوضح أن رصيد مصروف المخصصات للقروض (خسائر الائتمان) انخفض خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، بنحو 21.7 مليون دينار، أو ما نسبته -8.7 في المئة، حيث بلغ إجمالي مصروف المخصصات للقروض (خسائر الائتمان) إلى صافي الأرباح نحو 63.9 في المئة منخفضاً من 67.3 في المئة للفترة ذاتها من السنة الفائتة. وبلغ مضاعف السعر إلى الربحية (P/E) لقطاع البنوك العشرة محسوبة على أساس سنوي، نحو 13 مرة، (أي تحسن)، مقارنة بنحو 16 مرة للفترة نفسها من العام الفائت. وأشار إلى أن مؤشرات الربحية لقطاع البنوك المحسوبة على أساس سنوي انخفضت، مقارنة مع الفترة نفسها من 2015، فانخفض العائد على إجمالي الأصول، إلى نحو 1 في المئة، مقارنة بنحو 1.1 في المئة. وانخفض أيضاً، العائد على حقوق الملكية إلى نحو 6.9 في المئة، مقارنة بنحو 8.4 في المئة. ولفت إلى أن "تقرير مركز الجمان" ذكر أن نصيب "بنك الكويت الوطني"، من صافي القروض والسلفيات، بلغ نحو 32.2 في المئة، و19.9 في المئة لـ"بيتك"، أي أن اثنين من البنوك استحوذا على 52.1 في المئة منها، واكتفت البنوك الثمانية الأخرى بأقل من النصف، أو بما نسبته 47.9 في المئة، أدناها "بنك وربة" بنسبة 1.6 في المئة، ثم "بنك الكويت الدولي" بنسبة 2.8 في المئة، وهما بنكان إسلاميان.«الوطني» في المقدمة
وقارن "الشال" بين أداء البنوك العشرة، حيث استمر "بنك الكويت الوطني" في تحقيق أعلى قيمة في أرباح البنوك العشرة ببلوغها نحو 150.6 مليون دينار كويتي (ربحية السهم 27 فلساً كويتياً)، أو نحو 42.2 في المئة من صافي أرباح البنوك العشرة، ولكن مستواها تراجع بنحو -7.8 في المئة، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2015. وحقق "بيت التمويل الكويتي" ثاني أعلى أرباح بنحو 70.9 مليون دينار (ربحية السهم 13.7 فلساً)، أو نحو 19.8 في المئة من صافي أرباح البنوك العشرة، وبنسبة نمو 13.7 في المئة، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. وبين أن "بنك وربة" كان الأقل مساهمة في رصيد الأرباح، حيث بلغ نصيبه نحو 455 ألف دينار مقارنة بنحو 315 ألفا، وإن ظل مستحوذاً على أعلى نسبة نمو في قيمة الأرباح، وبنحو 44.4 في المئة. وحقق "بنك بوبيان" نحو 18.9 مليون دينار مقارنة مع 16 مليون دينار كويتي، أي بنسبة نمو بلغت نحو 17.9 في المئة. وأشار التقرير الى أن "البنك التجاري الكويتي" حقق أعلى نسبة تراجع في الأرباح من بين البنوك الأخرى بنسبة بلغت نحو -31 في المئة، وصولاً إلى نحو 11.5 مليون دينار، مقارنة بنحو 16.7 مليوناً.استمرار انحسار سيولة البورصة يوحي بتبعات أكثر خطورة
تصحيح مستوى أسعار الأصول لتحسين تنافسية الاقتصاد أمر صحي
أكد تقرير الشال أن سيولة البورصة الكويتية شحيحة ومستمرة في الانحسار، وأن توزيعها المتفاوت بحدة بين الشركات يوحي بتبعات أكثر خطورة، وأن وضع السيولة المقارنة مع أسواق في الإقليم يؤكد مدى انحدار تلك السيولة، وذلك مجرد تشخيص لمرض أزمة ثقة كبيرة في طريقها لتطال سوق العقار المحلي. وأوضح أن الخطورة كامنة من استقراء تاريخ الأزمات في العالم، فقد يكون أمرا صحيا تصحيح مستوى أسعار الأصول، أي السماح بهبوطها الآمن لو كان ذلك يسهم في تحسين تنافسية الاقتصاد، لكن في غياب أي مشروع تنمية حقيقي، هناك خطورة كبيرة من انتقال أزمة الأصول إلى أزمة مصارف، ثم إلى الاقتصاد الحقيقي، ومؤشر بدء الضغط على أرباح المصارف بسبب أوضاع رهوناتها بات واضحا، والإدارة العامة لم تفعل شيئا منذ أزمة عام 2008، ولا تعي ماذا تفعل لاستباق حدوث الأزمة في المستقبل.واضاف أنه مع نهاية ربع السنة الثالث، استمرت سيولة البورصة في الانحسار، وإذا أضفنا إليها انحسار سيولة سوق العقار في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنحو 27.7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت، يتضح حجم انحسار الثقة في الأصول المحلية. وأشار إلى أن سيولة البورصة للربع الأول من العام الجاري بلغت نحو 835.9 مليون دينار، فاقدة نحو 37.1 في المئة، مقارنة بسيولة الربع الأول من العام الفائت، وفقدت سيولتها نحو 10.4 في المئة في الربع الثاني مقارنة بسيولة الربع الأول، وفقدت 49.3 في المئة في الربع الثالث مقارنة بسيولة الربع الثاني، وفقدت في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري نحو 38.2 في المئة مقارنة بسيولة الفترة نفسها من العام الفائت.انحراف البورصة
وحول الانحراف الشديد في سيولة البورصة الشحيحة، قال التقرير إن تلك السيولة توزعت لتحصل 95 شركة مدرجة، أو نحو 50 في المئة من الشركات المدرجة، من ضمنها ست شركات منسحبة، على نحو 97.3 في المئة من سيولتها، ما يعني أن 95 شركة أو نحو 50 في المئة من عدد الشركات المدرجة حصلت على 2.7 في المئة فقط، من تلك السيولة.وأضاف ان الواقع أن الشركات شحيحة السيولة تشمل شركات تكاد تنعدم سيولتها، فنحو 10.5 في المئة من الشركات المدرجة بلغ نصيب الشركة الواحدة منها من السيولة في 9 أشهر، نحو 21.2 ألف دينار، وبلغ نصيب كل واحدة منها في الربع الثالث من العام الجاري، نحو 5.8 آلاف دينار. وأوضح انه عند مقارنة سيولة البورصة الكويتية مع سيولة أكبر أربعة أسواق لدول مجلس التعاون الخليجي، نجد سيولتها في الأرباع الثلاثة الأولى من السنة الجارية بلغت 6.494 مليارات دولار، مقارنة بنحو 9.590 مليارات لسيولة بورصة أبوظبي، و14.625 مليارا لسيولة بورصة قطر، و24.837 مليارا لسيولة بورصة دبي، و228.481 مليارا لسيولة بورصة السعودية.سيولة البورصة خليجياً
وأضاف التقري أن سيولة بورصة الكويت خلال الفترة المذكورة تساوي 67.7 في المئة من سيولة بورصة أبوظبي، و44.4 في المئة من سيولة بورصة قطر، و26.1 في المئة من سيولة بورصة دبي، و2.8 في المئة من سيولة بورصة السعودية، وقبل أزمة العالم المالية كانت بورصة الكويت ثاني أعلى سيولة لبورصات كل المنطقة العربية.وزاد: "لأن عدد شركاتها المدرجة، البالغ 184، هو الأعلى مقارنة بـ175 شركة للسعودية، و59 في دبي، و49 لأبوظبي، و44 لقطر، يصبح وضع السيولة أسوأ إذا قيس بنصيب الشركة في كل سوق منها، فالشركة الواحدة المدرجة في بورصة الكويت حظيت بنحو 18 في المئة من نصيب سيولة الشركة الواحدة في بورصة أبوظبي في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، و14.4 في المئة في الربع الثالث منه، و10.6 في المئة و6.6 في المئة على التوالي من نصيب سيولة الشركة الواحدة في بورصة قطر، و8.4 في المئة و6.8 في المئة ببورصة دبي، و2.70 في المئة و2.65 في المئة مقارنة ببورصة السعودية.