بغداد تستعد لتظاهرات الصدر والموصل لمعركة التحرير
بارزاني يتعرض للوم بسبب الخلاف مع أنقرة
على مدى الأسبوعين الماضيين، ساد «مناخ تصالحي» واعد في بغداد، إذ زارها بعد قطيعة طويلة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وكانت علامات الود بادية على المواقف، كما عاد تيار مقتدى الصدر إلى اجتماعات الكتلة الشيعية الكبيرة، التي انقطع عنها منذ تنظيمه تظاهرات عارمة انتهت باقتحام البرلمان قبل أشهر.وراهن كثيرون على أن عودة الصدر مع زيارة بارزاني تمثلان محاولة إيجابية لبناء محور سياسي جديد يقف في وجه تكتل بقيادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أطاح بوزيرين بارزين حتى الآن، ويهدد الحكومة بأسرها.لكن حدثين مفاجئين نسبياً يمكن أن يقلبا طاولة التفاؤل، الأول التصعيد غير المسبوق بين أنقرة وبغداد بشأن الدور العسكري والسياسي التركي شمالاً، والآخر إعلان المحكمة الدستورية عودة نواب رئيس الجمهورية الثلاثة إلى مناصبهم، بعد إلغائها من رئيس الحكومة حيدر العبادي، في إطار حملة إصلاحات وترشيق للمواقع الحكومية.
فالأزمة مع أنقرة مرشحة لتصبح أكبر كلما اقترب موعد معركة الموصل، وحينها ستتأثر العلاقة السياسية بين أربيل والقوى الشيعية، التي تتهم كردستان بانحيازها لتركيا على حساب العراق، وتبذل واشنطن جهوداً واضحة لمنع هذه الأزمة من التأثير على استعدادات معركة الموصل الأكثر أهمية في مواجهة تنظيم داعش، لكن قد لا تنجح في تحقيق التعاون المطلوب بين الأكراد وبغداد، في ظل الخلافات المتصاعدة التي قد تعيد تحجيم دور بارزاني في بغداد.أما قرار المحكمة العليا بعودة النواب الثلاثة إلى مواقعهم فقد أغاظ مقتدى الصدر وفاجأه، كما يبدو، نظراً لحساسيته الشديدة من تمتع نوري المالكي بمنصب رسمي رفيع، مما دفعه إلى وقف فوري للمفاوضات مع القوى الشيعية، والعودة إلى مستويات التنسيق مع التحالف المدني واليسار، لتنظيم تظاهرات يتوقع أن تكون بمستوى مقلق من التحدي، خاصة أنها ستنظم أمام مقر المحكمة العليا، مسبوقة ببيان شديد اللهجة من الصدر.ولعل الطرف الذي يشعر بحرج عميق حالياً هو زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم، فقد تسلم لتوه رئاسة التحالف الشيعي، واعداً بخطوات تبني التوازن وترسخ قواعد التوافق التي تعرضت لانهيار حقيقي خلال الأشهر الماضية، لكنه لم ينجح في تهدئة الصدر داخل البيت الشيعي، كما تورط في مواقف وصفت بالمتشددة خارج الساحة الشيعية، خصوصاً نوع تصريحاته ضد أنقرة والرياض، بسبب حرب اليمن، بينما تعودت السياسة العراقية على أن يؤدي الحكيم دور التهدئة داخلياً وخارجياً.وتفيد التوقعات في بغداد بأن العبادي قد يواجه أقسى اختباراته وهو يحاول حفظ التوازن القلق بين دور واشنطن وطهران، وإدارة المنافسة العنيفة مع المالكي داخل الحزب وفي البرلمان، والتعامل مع غضب الصدر، إذا لم يحظ بمواقف «تضامنية» سريعة من الأطراف الداخلية الأخرى.لكن مصادر شيعية مقربة من العبادي، ورغم إقرارها بأن المعركة في الموصل ستكون «الأقسى» عسكرياً وسياسياً، تبدو واثقة من أن الحد الأدنى من الالتزام سيبقى مضموناً مع أربيل وباقي الحلفاء، كما أن إطلاق «عملية سياسية متقنة» في الموصل بعد تحريرها، واستمرار وساطات واشنطن المعتادة، من شأنهما تهدئة الأتراك الذين يدركون، حسب المصدر الشيعي، أن الوضع العراقي مختلف إلى حد كبير عن الحالة السورية، حيث يحظى النظام السياسي في بغداد بأكبر دعم دولي متوقع، خلال حربه ضد «داعش».