أكد عدد من القانونيين تجريم قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 للانتخابات الفرعية، حتى ولو أجريت قبل صدور مرسوم الدعوة إلى الانتخابات، موضحين أن الحديث عن إمكان إجراء تلك الانتخابات المجرمة قبل صدور مرسوم الدعوة، للهروب من المساءلة الجزائية، أمر غير صحيح، وأن أي انتخابات فرعية تجرى تتم مساءلة الداعين والقائمين والمنظمين لها وفق مواد القانون. ولفت القانونيون الى أن القانون لم يشترط لتجريم الانتخابات بيان موعد الانتخاب، وأنه يكفي أن تكون قبل إجراء الانتخابات العامة، وأن يهدف المشاركون من تلك الانتخابات إجراء التصفيات فيما بينهم تمهيدا للمشاركة بالانتخابات العامة، وفيما يلي نص الآراء:
يقول الخبير الدستوري، أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت، د. محمد الفيلي، إن وجود الانتخابات الفرعية وفق المادة 45 من قانون الانتخاب يقتضي إجراءها قبل الموعد المحدد، سواء كان موعد الانتخاب معلوما أم غير معلوم على وجه دقيق.وأوضح أن حكم المادة ٤٥ من القانون لم يستوجب ميعادا محددا لإجراء هذه الانتخابات، كما ان محكمة الموضوع لها أن تستنتج ارتباط الانتخابات الفرعية التي تفحصها بالانتخابات المقبلة.ويضيف الفيلي قائلا: «نلاحظ في هذا الصدد أن هناك ميعادا محددا يرتبط بنهاية الفصل التشريعي، وهذا التحديد لا يمكن أن يكون دقيقا قبل صدور مرسوم الدعوة إلى الانتخاب، كما أن إجراء الانتخابات الفرعية في وقت سابق على هذا الميعاد يحقق عنصرا من عناصر الجريمة مادامت هذه الانتخابات مرتبطة من حيث وجودها بالانتخابات الرسمية، كما أن محكمة الموضوع هي التي تقرر الارتباط بين الحدثين».
ليس شرطاً
ويوضح «إذا يمكن أن نقرر أن عنصر العلم بموعد الانتخابات المقبلة التي يتم استباقها بإجراء الانتخابات الفرعية يتحقق بالعلم بموعد نهاية الفصل التشريعي، أو العلم بصدور قرار الحل، لأن إجراء الانتخابات العامة يرتبط بهما، ومن ثم لا يشترط لتنظيم الانتخابات الفرعية صدور مرسوم الدعوة للانتخاب، فقد تنظم الانتخابات الفرعية قبل صدور مرسوم الدعوة إلى الانتخاب».بدوره، يقول أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت، د. فايز الظفيري، إن تجريم قانون الانتخاب وفق المادة ٤٥ منه للانتحابات الفرعية قائم حتى ولو لم يتم صدور مرسوم الدعوة للانتخابات.ويضيف الظفيري: إن العديد من القانونيين تحدثوا، بشكل قطعي، بإباحة جريمة الانتخابات الفرعية المجرمة من خلال نص المادة 45 الفقرة الخامسة من قانون الانتخابات الكويتي، بحجة أن هذه الجريمة لكي تنطبق لابد أن يصدر مرسوم دعوة إلى الانتخابات، والغريب أن من طرح هذا الرأي لم يذكر أن هذا الرأي إنما هو محض اجتهاد، ولكن، كان طرحه على وجه القطع واليقين، وهذا حقيقة أمر يثير الاستغراب في نطاق المهتمين في مجال القانون الجزائي.عقوبات جزائية
ويبين الظفيري قائلاً إن تلك الآراء جانبها الصواب، ونوضح ذلك من من عدة أوجه: الوجه الأول أن من طرح مثل هذه الآراء من خارج تخصص قانون الجزاء.الوجه الثاني: جرأة كل من طرح هذا الرأي أو خاض بغيره من الجزئيات المتعلقة بالتجريم بالحديث بصيغة القطع واليقين في مسألة لها آثار وعقوبات جزائية على أفراد المجتمع الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم، وهو يعلم أنه مجرد اجتهاد، ولكنه يكتبه بصيغة القطع واليقين، فمن يتحمل نتيجة هذا الاجتهاد؟ وكيف للناس أن تعلم أنه اجتهاد وليس حكم قانون؟الوجه الثالث: وردا على هذا الرأي نقول ان نص الفقرة الخامسة من المادة (45) يعتبر نصا مطلقا لا نصا مقيدا او معلق السريان بأمر آخر كصدور مرسوم انتخابات، حتى ينطبق بخلاف العديد من جرائم الانتخابات التي قننت لحماية عملية الانتخاب ذاتها، فلا تسري إلا اذا صدر مرسوم الدعوة للانتخابات، مثال ذلك ما ورد من خلال نص المادة (٣١ مكرر) من قانون الانتخابات كإقامة المقرات والندوات.وهناك من النصوص ما لا يسري إلا اذا بدأت عملية التصويت في هذه الانتخابات نفسها، كما هو الوضع المقرر من خلال نص المادة (45) المعني بحماية اللجان القائمة على عملية التصويت.مجرم دائماً
ويختم الظفيري قائلا إن تنظيم الانتخابات الفرعية أو الدعوة لها مجرم أيا كان الوقت أو الزمان، وكل ما تطلبه النص أن تكون هذه الدعوة أو التنظيم سابقا لليوم المحدد للانتخاب، دون اعتبار لكون هذا اليوم معلوما من عدمه، أو صدور مرسوم دعوة للانتخاب من عدمه.من جانبه، يقول عضو مكتب أركان المحامي احمد الهندال إن ماذهب اليه البعض بعدم تجريم الانتخابات الفرعية بسبب عدم صدور مرسوم الدعوة جانبه الصواب، لعدة أسباب رئيسية، يأتي في مقدمتها أن النص ذاته الوارد في المادة 45 الفقرة الخامسة ذكر في تعريفه للانتخابات الفرعية أنها «هي-أي الانتخابات الفرعية- التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة»، وبالتالي قد ذكر القانون بشكل صريح لا يقبل التأويل أنها تتم قبل الميعاد المحدد للانتخابات ولم ينص على وقوعها في فترة الانتخابات, ودلالة ذلك أن المشرع ترك المدة محددة بقوله «قبل الميعاد المحدد للانتخابات».ويضيف الهندال قائلا إن السبب الآخر الذي يقود إلى الاختلاف مع هذا الرأي هو أن الانتخابات الفرعية تعتبر من الجرائم المؤثرة على العملية الانتخابية، فبالتالي لا يمكن القول إنها مرتبطة بموعد معين، بل مرتبطة بالتأثير, ومتى وقعت هذه الجرائم الخاصة في الانتخابات يتم العقاب عليها.ولفت الى انه لا يمكن القول بأن الفرعية جريمة مرتبطة بالوقت لأن ذلك يجعل من كل جرائم الانتخاب جرائم وقتية، فمن يقم بشراء الاصوات يمكن له أن يفعل ذلك قبل اصدار مرسوم الدعوة, وبالتالي الخطر من محاولة إيجاد التبريرات لشرعنة الانتخابات الفرعية هو بالفعل شرعنة لكل الجرائم الواردة لقانون الانتخاب بهذه الحجة.