يتميّز كتاب «مقام العود» بتوفير ترجمة إنكليزية، ما يساهم في توسيع دائرة انتشار الموسيقى العربية والتعريف بها في الثقافة العالمية، مكملاً الثالوث التربوي في عالم الموسيقى الأكاديمي المبني على الأستاذ والتلميذ والمنهج.

اختبر شربل روحانا هذا المنهج وأعاد النَّظر فيه على مدى 30 عاماً مع طلاب وزملاء وعازفين مرموقين ومناهج عدة، وهو بمثابة جواب عن سؤال راوده عن العود الذي يريده لطلابه، في ظل مجتمعات تتجه بأسرها نحو عولمة تهمّش ما هو فَريد وخاص وجميل وتراثي، ولأجل الدفاع عن مكونات الموسيقى العربية بمقاماتها وإيقاعاتها ومخزونها العميق والثري ووضعها مجدداً في المعاهد الموسيقية كي تبقى آلة العود تنطق بما هو شرقي أصيل، وقادرة في الوقت نفسه على مواكبة موسيقى الشعوب الأخرى التي تتلاءم وطبيعة آلة العود.

Ad

في خلال حفلة توقيع الكتاب، في مركز الصفدي في طرابلس، قيم الفنان مارسيل خليفة «مقام العود»، ومما قال: «من وقفتي هذه وراء «الميكروفون» أراك تغمرني بنظرتك الهادئة، لا لشيء إلاّ لأنك تعرفني منذ خطوة «السماع» الأولى حتى يومنا هذا. وتعرف جيداً أن الذات لا الموضوع هي ما يجعل المرء يركض كل العمر بحثاً عن ذاته التي لا تجد ذاتها، إلاّ إذا امتلأت بخارجها. وكم كابدت لتجد «النوتة» في تلك المنطقة المتوترّة من السؤال. فكنت كما تريد أن تكون وكما لا تريد، وحيداً في زحامك ومزدحماً في وحدتك، وحين صار في وسعك امتلاك الحاضر وأن تضع الماضي على مائدة التساؤل، أمليت على مقامك وتراً في مواجهة البشر. وتابعت الإصغاء المرهف بخشوع إلى موسيقى الحياة وعشت ببساطة القديسين قنوعاً بحصتك من الماء والهواء والضوء وتبدّل الفصول، وصولاً إلى «مقام العود». ولكن ليس من شيم هذه البلاد أن ترحم أبناءها ليكونوا طموحين وليس من شيمها أيضاً أن تأذن لنا بلوم أنفسنا.

فطوبى لك أيها الولد البرّي الذي سيجت تلك الحيرة بزهرة القندول وجعلت الحنين إلى طرب المقام فاكهة طازجة شهيّة. وإذا كنت تلعب فتلك شروط اللعبة: نغم في نغم بصحراء الإيقاع الذي لا يتوتّر إلاّ لينسجم بين القديم والجديد».

وتابع: «تصفحت «مقام العود» كغيمة حطّت على الحجر من دون أن تجرحه وتلاشت فرحاً صوفياً (...) لنواصل ذلك المعنى العابر للزمن والدفاع عن سحر العود وعمّا تبقّى فينا من لحن وإيقاع يا صديقي، لن نسلّم بصورة يرسمها الآخر لنا وفقاً لموازين «أهل القُربى» وكأنها تؤرخ لهويّة لم يكن من حقها أن تولد. اذهب إلى ما تريد أن تكون، فلا شخصيّة تحيا من ذاتها المنغلقة على ذاتها وعلى ثباتها. غايتنا تطوير الإنساني فينا لتصبح التجربة متحققة في خروج الطوعي إلى الآخر. وهذه هي أرض العود المشتركة، أرض الذات وأرض الآخر المتعددة في الماضي والحاضر والغد المفتوح، أرض بداية السماع والتي كانت مشرعّة على بدايات لا نهاية لها».

وأضاف خليفة حول كتاب «مقام العود»: «من معهد وهجرة وعودة، من اجتثاث وانبعاث، من غرب وشرق، وهي ما هي عليه أرض العود المتحركة من صلابة التجربة وشوك الزهرة على الطريق وعلى الصبايا الخارجات من دفء الوتر».

شربل روحانا

موسيقي لبناني، حاصل على دبلوم في آلة العود من جامعة الروح القدس في لبنان عام 1986، وماجستير في العلوم الموسيقية من الجامعة نفسها عام 1987. يعمل أستاذ آلة العود في المعهد الوطني العالي للموسيقى – الكونسرفتوار في لبنان، وفي معهد العلوم الموسيقية بجامعة الروح القدس. وهو معدّ منهج آلة العود المعتمد.