بعد ليلة دامية تخللتها سلسلة غارات كثيفة تسببت في مقتل عدد غير محدد بينهم 5 من عائلة واحدة، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وقف الجيشين السوري والروسي الغارات على حلب الشرقية اعتباراً من الساعة العاشرة صباح أمس في خطوة هدفها ضمان تطبيق هدنة مدتها ثماني ساعات غداً لخروج المسلحين، الذين رفضوا العرض، معتبرين أنه استسلام غير مقبول.

وقال شويغو، خلال اجتماع لهيئة الاركان الروسية، إن الوقف المبكر للغارات "ضروري من أجل تطبيق الهدنة الإنسانية ويضمن سلامة خروج المدنيين عبر ستة ممرات ويحضر لإجلاء المرضى والجرحى من شرق حلب"، مضيفاً أنه "في الوقت الذي تبدأ فيه هذه الهدنة، ستنسحب القوات السورية الى مسافة كافية تمكن المقاتلين من الخروج من شرق حلب مع أسلحتهم" عبر ممرين خاصين بينهما طريق الكاستيلو.

Ad

وإذ طالب "حكومات الدول ذات النفوذ على القسم الشرقي لحلب أن تقنع قيادييه بوقف المعارك ومغادرة المدينة"، اعتبر شويغو أن وقف الغارات يمكن أن يساعد في نجاح محادثات في جنيف اليوم محورها "الفصل بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين في حلب"، وافقت تركيا وقطر والسعودية على المشاركة فيها مع الأميركيين ومسؤولين روس بينهم ضباط.

وغداة إعلان الهدنة، التي وصفتها واشنطن بأنها "محدودة ومتأخرة جدا" واعتبرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي غير كافية ودعت ألمانيا إلى إطالة أمدها عن ثماني ساعات، رفض مقاتلون من المعارضة أي انسحاب من حلب الشرقية، "لا يوجد أي إرهابي في المدينة". وتدعو روسيا الى إخراج مقاتلي حركة "جيش فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) من حلب.

وفي حين قال المسؤول السياسي لجماعة "فاستقم" زكريا ملاحفجي إن "الفصائل ترفض الخروج بالمطلق والاستسلام"، شدد القيادي في حركة "أحرار الشام" الإسلامية الفاروق أبوبكر على أن فصائل المعارضة ستواصل القتال. وقال: "نحن عندما حملنا السلاح بداية الثورة لندافع عن شعبنا الأعزل عاهدنا الله ألا نتركه حتى نسقط هذا النظام المجرم".

وشدد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على أن الوقف الفوري للغارات "غير مرتبط بأي شكل" بالانتقادات الصادرة من فرنسا وألمانيا لكنه يشكل فقط "مبادرة حسن نية من العسكريين الروس"، داعياً شركاء روسيا لدعمها من أجل بدء عملية حقيقية للتفرقة بين المعارضة المعتدلة والجماعات الإرهابية.

وأكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن القرار، الذي "دخل حيز التنفيذ" بعد غارات دامية استمرت حتى فجر أمس وأسفرت عن مقتل عدد غير محدد في عدة أحياء بينها السكري والفردوس وبستان القصر والصاخور والصالحين والكلاسة، هدفه إنجاح جهود الفصل بين المعارضة المعتدلة عن جبهة "فتح الشام".

وطالب لافروف، في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية باراغواي ايلاديو لويزاكا، "المسلحين غير المرتبطين بالإرهابيين"، أن يوقعوا على اتفاق وقف الأعمال القتالية الروسي- الأميركي والقرارات الدولية الداعمة له.

أفكار ومفاوضات

وبعد اجتماع مغلق لمجلس الأمن أبلغ فيه المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا الأعضاء أنه رغم طرح اجتماع لوزان "أفكارا جديدة" لا تزال هناك "خلافات كبيرة" على طريق إرساء وقف لإطلاق النار، أعلن السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين أمس الأول أن السعودية وقطر وتركيا "أعربت عن عزمها على العمل بصورة دؤوبة مع الفصائل المعارضة المعتدلة كي تبتعد عن النصرة"، التي خيّرها بين "المغادرة أو الهزيمة".

وأوضح تشوركين أنه إذا غادر "مقاتلو النصرة شرق حلب فإن الاتفاق الذي تم التوصل اليه في لوزان ينص على أن تتفاوض المعارضة المعتدلة مع الحكومة السورية على وقف القتال".

وعلى الأرض، قتل وجرح العشرات من الميليشيات المساندة لقوات النظام صباح أمس على جبهة عزيزة جنوب مدينة حلب وفي حي العويجة شمالها في محاولة لفتح الطريق إلى قلعة حلب وسط المدينة.

وبعد سيطرة قوات النظام وميليشياته أمس الأول على قرية معردس بريف حماة الشمالي، بعد معارك عنيفة استمرت عدة أيام، تكبدت خلالها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، بدأت الطائرات الحربية والمروحية والمدفعية الثقيلة التمهيد بالقصف لدخول مدينة صوران شمال معردس، ومدينة طيبة الإمام غربها.

ومع سيطرة فصائل الجيش الحر المنضوية في عملية "درع الفرات" على قرية الغوز بريف حلب الشمالي بدعم تركي، توعد الرئيس رجب طيب إردوغان أمس بإخراج وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة من بلدة منبج بعد طرد تنظيم "داعش" من بلدة الباب القريبة.

وكشف إردوغان عن مشاورات تجري مع واشنطن بشأن عملية مشتركة محتملة لإخراج التنظيم من معقله في الرقة، وشدد على أن تركيا تسعى لإقامة "منطقة آمنة" تغطي خمسة آلاف كيلومتر مربع في شمال سورية.

بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة للاستعداد للهجوم على الرقة وعدم الانتظار، لأنه سيكون "خطأ فادحاً"، مشدداً على ضرورة استمرار الضغط على روسيا خلال المحادثات بشأن سورية على هامش قمة أوكرانيا.

قمة ثلاثية

ولاحقا، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيسين فرانسوا هولاند وفلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سيعقدون «اجتماع عمل» يتناول الأزمة السورية في برلين، إثر قمة أوكرانيا، موضحة أن الهدف خصوصا هو «إيصال الرسالة نفسها إلى فلاديمير بوتين، وهو وقف دائم لإطلاق النار في حلب، وإيصال المساعدات الإنسانية لوضع حد للمأساة في هذه المدينة».

المعلم ومدني

إلى ذلك، أعلن السفير السوري في موسكو رياض حداد أن وزير الخارجية وليد المعلم سيقوم بزيارة لموسكو تستغرق 3 أيام، قبل نهاية أكتوبر الجاري، موضحاً أنه سيجتمع مع عدد من المسؤولين، بينهم لافروف.

وفي مستهل أعمال الجلسة الـ43 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في العاصمة الأوزبكية طشقند، أكد الأمين العام إياد مدني أن الوضع في سورية يتوسط القضايا المركزية للدول الأعضاء، مشيرا إلى تمسك المنظمة بالتسوية السلمية استنادا إلى مقررات جنيف.

وكرر مدني الدعوة الى تنظيم لقاء يجمع الممثلين الدائمين للمنظمة في نيويورك لبحث الوضع الأمني في حلب، معرباً عن تمسك بلدان المنطقة التام بالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدتها السياسية ووحدة أراضيها.