وسط ارتياح عراقي وأميركي لسير العمليات، واصلت القوات العراقية المشتركة وقوات البيشمركة الكردية، مدعومة بطيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لليوم الثاني على التوالي، تقدمها في العملية العسكرية لتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش.

وقالت القوات المسلحة أمس إنها سيطرت على نحو 20 قرية على مشارف المدينة في الساعات الأربع والعشرين الأولى من العملية الهادفة لاستعادة آخر معقل كبير لتنظيم داعش، والتي قال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر إن استعادتها ستكون "لحظة حاسمة" في هزيمة المتشددين.

Ad

ويبلغ عدد سكان الموصل 1.5 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر مدينة عراقية، وأكبر مدينة سنية في العراق. ويعتقد أن ما بين 4 و8 آلاف متشدد يتحصنون فيها، بينما يقدر عدد القوات التي تم إعدادها لطردهم بنحو 30 ألف فرد من الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية والمقاتلين من رجال القبائل السنية.

وهناك تكتم رسمي حول عدد القوات المشاركة، اذ قدرت شبكة "سي إن إن" الأميركية هذه القوات بـ95 الفا، أما قناة السومرية العراقية فتحدثت عن مشاركة 65 ألفا، في حين قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن هناك 30 ألفا*.

وانتشر أكثر من خمسة آلاف جندي أميركي في مهام دعم، إلى جانب قوات من فرنسا وبريطانيا وكندا ودول غربية أخرى.

وقالت قوات البيشمركة، التي انتشرت أيضا شمالي وشمال شرقي المدينة، إنها أمنت "شريطا كبيرا" من الطريق الذي يمتد مسافة 80 كيلومترا بين أربيل والموصل، التي تبعد نحو ساعة بالسيارة إلى الغرب.

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها أقامت خمسة مخيمات تستوعب 45 ألف شخص، وتعتزم إنشاء ستة أخرى في الأسابيع المقبلة، تستوعب 120 ألفا، لكن هذا لن يكون كافيا لمواجهة الأعداد التي يتوقع نزوحها.

وأفاد العقيد يونس جمال أمس بأن القوات العسكرية وفوج مكافحة الإرهاب حررت بشكل كامل قضاء الحمدانية شرقي الموصل.

وقال جمال إن "القوات العراقية وفوج مكافحة الإرهاب تمكنت من تحرير القضاء بالكامل، ورفعت العلم العراقي فوق أبنية الدوائر الحكومية".

وأفادت مصادر في الجيش العراقي أمس بأن القوات العراقية تمكنت من تحرير مدينة قرقوش شرقي مدينة الموصل، وتمت السيطرة عليها دون اشتباكات بعد فرار عناصر "داعش" منها.

كما أعلن مسؤول محور جنوبي الموصل الفريق الركن رائد شاكر جودت عن سيطرة الشرطة الاتحادية العراقية وقوات التدخل السريع بمساندة التحالف الدولي بالكامل على معمل كبريت المشراق الواقع جنوبي الموصل.

وقال جودت إن القوات الاتحادية تمكنت من السيطرة التامة على معمل المشراق بعد إنزال جوي أمس الأول، من قبل قوات التحالف الدولي وقتل العشرات من داعش، مضيفا أن قوات الشرطة الاتحادية وقوات المغاوير والتدخل السريع يستعدون لاقتحام ناحية الشورى 35كم جنوبي الموصل والسيطرة عليها بالكامل.

أشهر

إلى ذلك، حذر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أمس من أن معركة استعادة مدينة الموصل من أيدي "داعش" يمكن أن تستمر "عدة أسابيع او حتى أشهر".

وقال خلال زيارة لمعرض صناعات الدفاع البحرية "إنها معركة ستكون طويلة، وليست حربا خاطفة، وستستمر فترة طويلة، عدة أسابيع او حتى لأشهر".

وأكد الأهمية التي يوليها التحالف الدولي، وخصوصا فرنسا، لدعم القوات العراقية من أجل استعادة الموصل، مضيفا: "لذلك يجب ضربهم، وهذا ما سنفعله مع العراقيين بدعم من التحالف".

وقال رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، أمس، إنه «من واجب التحالف الذي تقوده أميركا منع متشددي الدولة الإسلامية من الخروج إلى سورية»، مضيفا أن «قواتنا تتحرك بشكل دقيق، ووفرنا ممرات آمنة للمدنيين الراغبين في مغادرة الموصل».

بدوره، قال الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الابيض مع رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي ان "الموصل ستكون معركة صعبة. سيكون هناك كر وفر".

الجيش السوري

واتهم الجيش السوري الموالي لنظام الرئيس بشار الأسد أمس التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، بالتخطيط للسماح لعناصر تنظيم داعش بعبور الحدود السورية من مدينة الموصل، قائلا إنه سيتصدى لهذه المحاولة بكل السبل المتاحة.

وذكر بيان للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية أن "المخطط يتضمن تأمين طرق وممرات عبور آمنة إلى داخل سورية، والسماح للمتشددين بتعزيز وجودهم في شرق سورية".

وأضاف البيان، الذي نشرته وسائل إعلام رسمية، "أي محاولة لعبور الحدود هي بمنزلة اعتداء على سيادة الجمهورية العربية السورية، وكل من يقدم على هذه المحاولة يعد إرهابيا وسيتم التعامل معه بجميع القوى والوسائط المتاحة".

«الحشد»

وبعدما أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الحشد الشعبي لن يدخل الموصل، وقال "الحشد" إنه لم يبدأ تحركه البري بعد، وأنه يشارك فقط في القصف الصاروخي، قال دبلوماسي كبير تابع عملية التخطيط للهجوم على الموصل إن مفاوضات صعبة أسفرت عن الحل الوسط الذي يقضي بإرسال وحدات "الحشد الشعبي" إلى الحويجة بدل الموصل.

وأضاف الدبلوماسي، الذي تحدث عن تفاصيل لم تعلن على الملأ بشرط عدم نشر اسمه أمس، "لا أعتقد أن هذا كان اتفاقا سهلا"، موضحا أن المفاوضات شهدت الكثير من الشد والجذب.

إلا أن الدبلوماسي اعترف بأن الحل الوسط هذا أثار قلقا من وقوع انتهاكات في المدينة الأصغر، وتابع: "نحن قلقون بحق".

تضارب تركي

على صعيد آخر، نُقل عن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قوله أمس إنه لم يتم بعد الاستعانة بطائرات تركية في الهجوم الذي يستهدف استعادة مدينة الموصل العراقية من تنظيم داعش، لكنه قال إنه سيتم إرسال طائرات عندما يأتي الوقت المناسب لذلك.

ونقل موقع محطة "إن تي في" الإخبارية التلفزيونية عن يلدريم قوله للصحافيين أيضا إن هناك اتفاقا على مشاركة تركيا في التحالف بالعراق.

وأكد مكتب يلدريم تصريحاته، وكان يلدريم قال في وقت سابق من أمس إن طائرات حربية تركية تشارك في العملية.

وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس أن وفدا من بغداد سيزور تركيا خلال الأسبوع الجاري، ربما غدا.

وأكد أوغلو أن "لدى الطرفين إرادة لحل المسألة عبر الحوار"، في إشارة إلى الخلاف المتعلق بتواجد القوات التركية في شمال العراق،

وكان وفد تركي زار بغداد أمس الأول، إلا أن الخارجية العراقية قالت إن الأفكار التي قدمها الوفد "لم ترقَ إلى مستوى الاستجابة لمطلب العراق بأن على تركيا سحب قواتها من معسكر بعشيقة واحترام سيادة العراق على أراضيه".

وكانت صحيفة "حرييت دايلي نيوز" التركية وصفت أمس الأول الوفد التركي بأنه "وفد مصالحة" هدفه "إقناع بغداد بإعادة النظر في معارضتها لوجود القوات التركية في شمال البلاد".

إلى ذلك، أعلنت الخطوط الجوية التركية أمس تعليق رحلاتها مؤقتا الى ثلاث مدن عراقية، وسط العملية العسكرية التي يشنها الجيش العراقي لاستعادة مدينة الموصل التي يسيطر عليها تنظيم داعش. وقال المتحدث باسم الشركة يحيى اوستون إن الشركة أوقفت رحلاتها الى النجف والبصرة والسليمانية.

إلا أن الرحلات الى العاصمة بغداد ومدينة أربيل في إقليم كردستان العراق ستستمر كالمعتاد، ورفضت الشركة إعطاء سبب لتعليق الرحلات الى المدن الأخرى.

في السياق، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت أن فرنسا والعراق سيعقدان غدا في باريس اجتماعا وزاريا بحضور 20 دولة "لتحضير المستقبل السياسي" للموصل بعد الهجوم الذي أطلقه الجيش العراقي والتحالف الدولي لاستعادتها من تنظيم داعش.

وقال آيرولت: "يجب التحضير للمستقبل وإرساء الاستقرار في الموصل بعد المعركة العسكرية"، موضحا أنه لم تتم دعوة إيران.

«أعماق» تتوعد أميركا

نشرت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش" شريط فيديو يتعهد فيه مقاتل من التنظيم بإلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة في العراق، ويظهر "انتشارا" للجهاديين في شوارع الموصل.

ونشر الشريط بعنوان "انتشار لمقاتلي الدولة الإسلامية في شوارع مدينة الموصل ليلا". وظهر فيه مسلح ملثم مع مسلحين آخرين وراءه ببزات عسكرية ملثمين أيضا، وهو يقول "أما أنت يا أميركا فنعدك بما وعدك به مشائخنا، تقبلهم الله، مثل الشيخ أبي مصعب وأبي عمر وأبي حمزة وأمثال الشيخ أبي أنس وأبي محمد العدناني (...)".

ويضيف: "فوالله ثم والله ثم والله لتهزمين يا أميركا في العراق، ولتخرجين بإذن الله مرة أخرى ذليلة حقيرة تجرين أذيال الهزيمة، كما أقسم شيخنا أبومصعب الزرقاوي".

ويشير المتحدث الى عدد من المسؤولين في تنظيم "داعش" الذين قضوا في ضربات أميركية بسورية والعراق.

ويظهر في الفيديو، بشارع كبير مقفر ومضاء ليلا، مسلحون ببزات عسكرية على جانبي الطريق، ثم صف طويل من المسلحين يتقدمون في شارع لا يمكن التأكد إن كان ذاته.

قادة «الحشد» يزورون الصدر

بعد تأجيله التظاهرات ضد عودة رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، إلى السلطة نائباً لرئيس الجمهورية، ودعوته إلى تظاهرات ضد الوجود التركي العسكري في شمال العراق، استقبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في منزله بمنطقة الحنانة في محافظة النجف، أمس، عدداً من قادة الميليشيات الشيعية المنضوية في "الحشد الشعبي" أبرزهم الأمين العام لـ"منظمة بدر" هادي العامري، والأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، والقيادي أبو مهدي المهندس.

وكان الصدر قد اتهم عدة مرات الفصائل الشيعية بأنها وراء انتهاكات كبيرة بحق السنة، وأطلق عليها اسم الميليشيات الوقحة، كما اصطدم سياسيا اكثر من مرة بالأحزاب التي تملك ميليشيات، على عناوين الفساد والاصلاح وغيرها. وأعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، التوصل لاتفاق مع قادة الحشد الشعبي على مستقبل العراق ما بعد تحرير الأراضي من سيطرة تنظيم "داعش"، مؤكداً "تبدد بعض المخاوف" بشأن ذلك.

وقال الصدر، في مؤتمر صحافي مشترك بينه وبين عدد من قادة "الحشد": "اتفقنا على شيء يوضع لمستقبل العراق ما بعد تنظيم داعش".

وتابع: "الجميع متعاونون وعلى استعداد كامل أن يكون هناك تنظيم شامل ما بعد تحرير الموصل والأراضي المغتصبة"، مضيفاً: "من هذه الناحية أنا تفاءلت كثيراً، كانت لدي مخاوف بعضها تبدد وبالجلسات الاخرى سيتم تبديد باقي المخاوف".