كوريا الشمالية أكثر خطورة من ذي قبل

نشر في 19-10-2016
آخر تحديث 19-10-2016 | 00:06
 واشنطن بوست عندما يتحدث مسؤولو كوريا الجنوبية عن خطر كوريا الشمالية النووي المتنامي، يستخدمون عبارات تنبئ بالسوء مثل «خطر وجودي»، «تهديد وشيك»، و«خنجر مسلط على الرقبة»، يريد هؤلاء المسؤولون أن يعي الأميركيون أن «سياسة حافة الهاوية» هذه التي طالت كثيراً دخلت مرحلة جديدة.

أخبرني أحد المسؤولين الكوريين الجنوبيين البارزين بكل صراحة: «يمكن لصاروخ نووي من الشمال أن يسقط على هذا المكتب في غضون أربع أو خمس دقائق. لا مجال للتفكير مرتَين، فلم تعد هذه مجرد سحابة داكنة تلوح في الأفق، بل تحوّلت إلى خطر عند عتبة الباب».

ذكر كريستوفر هيل، السفير الأميركي السابق الذي ترأس محادثات الدول الست الفاشلة مع كوريا الشمالية بين عامَي 2005 و2007: «تريد كوريا الشمالية ما لا تستطيع الحصول عليه: القبول بها كدولة تملك أسلحة نووية». أدلى هيل بهذه الكلمات خلال منتدى المعرفة العالمي في كوريا الجنوبية.

يعبّر المسؤولون الأميركيون والكوريون الجنوبيون عن استيائهم من أن كل ما بُذل حتى اليوم لم ينجح في كبح تقدّم كوريا الشمالية الحثيث نحو تطوير أسلحة نووية، فقد أخفقت شتى الوسائل من المحادثات الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة إلى التهديدات باللجوء إلى القوة العسكرية، إذ تشكّل كوريا الشمالية دولة غارقة في التخلف، باستثناء برنامجَيها النووي والصاروخي.

تقوم الخطوة الأولى على تشديد العقوبات، فقد قصدت سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة سامانثا باور كوريا الجنوبية كي تناقش قراراً جديداً يحقق هذه الغاية، وتأمل كوريا الجنوبية أن تقفل الأمم المتحدة ثغرة إعفاء «ضروريات الحياة» التي تسمح لكوريا الشمالية بتصدير الفحم إلى الصين، حيث بلغ مجموع صادرات الفحم نحو مليار دولار السنة الماضية، وهي تشكّل مصدر تبادل خارجي بارز يموّل البرنامج النووي، علماً أن الصينيين رفضوا حتى اليوم تعزيز الضغوط على جيرانهم.

تشمل الاقتراحات الكورية الجنوبية الأخرى إحداث شقاق بين كيم ونخبة أعضاء حكومته، فأخبرت الرئيسة بارك غن-هي حكومتها قبل أيام أن الزيادة الأخيرة في معدل الفارين المرتفع يعكس مدى هشاشة نظام كيم، وأن على كوريا الجنوبية أن تشجّع فرار المزيد. تقوم رسالة سيول على أن نظام كوريا الشمالية سينهار في النهاية، إن واصل كيم تجاهل كل المسائل الأخرى ليعطي الأولوية لطموحه النووي.

لكن أهم خطوة تريدها كوريا الجنوبية من الولايات المتحدة هي ردع كوريا الشمالية عسكرياً، وقد وافقت بارك على إقامة نظام الدفاع الجوي الصاروخي الأميركي «ثاد»، إلا أن هذا النظام لن يصبح جاهزاً قبل شهر ديسمبر عام 2017، لذلك يأمل المسؤولون الكوريون الجنوبيون أن تطمئن الولايات المتحدة الشعب القلق، مؤكدة فاعلية مظلتها النووية، التي تُدعى تقنياً «الردع الموسّع»، وقد تشمل هذه الخطوة زيادة عدد طلعات طائرات B-52 وB-1، وتكثيف زيارات كبار المسؤولين الأميركيين، وتعزيز المحادثات بشأن الدفاع المشترك كتلك المفترض عقدها بعد أيام في واشنطن.

لا يحظى استئناف العلاقات الدبلوماسية مع بيونغ يانغ بدعم كبير في كوريا الجنوبية، لكن سيول وواشنطن تبقيان الباب مفتوحاً، ومن المقاربات التي تحفظ ماء الوجه عقد محادثات أميركية أولية سرية مع كوريا الشمالية تقود لاحقاً، بالتعاون مع الصين، إلى محادثات علنية تتمحور حول التخلص من الأسلحة النووية. ولكن ما من إشارة إلى أن كوريا الشمالية ترغب في حوار مماثل.

ولكن ماذا يحدث إن أخفقت كل هذه الجهود ونشر كيم صواريخ مزودة برؤوس نووية يمكنها بلوغ مناطق أميركية؟ أجاب مسؤول أميركي بارز سابق شارك في هذا المنتدى في كوريا الجنوبية: «يجب أن نبتكر مصطلحاً ملطّفاً لعبارة (ضربة وقائية)».

ولكن بغض النظر عن الكلمة المستعملة، قد يواجه الرئيس المقبل خياراً عسكرياً صعباً، وذلك لسبب بسيط: يبدو أن كل الحلول الأخرى تصطدم بالفشل.

* ديفيد إغناتيوس | David Ignatius

back to top