درس الشاعر فاروق شوشة اللغة العربية في كلية دار العلوم، وحصل على شهادتها عام 1956، ثم عمل مدرساً لها، والتحق بالإذاعة عام 1958، وأخذ يتدرج في وظائفها حتى أصبح رئيساً لها عام 1994. كذلك عمل أستاذاً للأدب العربي في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وكان عضواً في مجمع اللغة العربية في مصر، وعضواً في لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ورئيس لجنة المؤلفين والملحنين.

حاز برنامجه {لغتنا الجميلة} الذي قدمه في الإذاعة منذ عام 1967 على شهرة واسعة بمقدمته التي تحمل بيت الشعر الأشهر في العالم العربي للشاعر الراحل حافظ إبراهيم «أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي».

Ad

وقدم في التلفزيون برنامجه «أمسية ثقافية» منذ عام 1977، كذلك شارك في كثير من مهرجانات الشعر العربية والدولية، وله دواوين عدة من بينها: «الدائرة المحكمة، إلى مسافرة، لؤلؤة في القلب، في انتظار ما لا يجيء، العيون المحترقة، لغة من دم العاشقين، يقول الدم العربي، هئت لك، سيدة الماء، وقت لاقتناص الوقت، حبيبة والقمر.. شعر للأطفال، وجه أبنوسي، الجميلة تنزل إلى النهر».

ومن كتبه «لغتنا الجميلة، أحلى 20 قصيدة حب في الشعر العربي، عذابات العمر الجميل، أحلى 20 قصيدة في الحب الإلهي، العلاج بالشعر، لغتنا الجميلة ومشكلات المعاصرة، مواجهة ثقافية».

حصل شوشة على جائزة الدولة في الشعر عام 1986، وجائزة محمد حسن الفقي عام 1994، وعلى جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1997، وجائزة كفافيس العالمية عام 1991، وآخر ما حصل عليه جائزة النيل عام 2016.

رثاء

أصدر وزير الثقافة المصري حلمي النمنم بياناً صحافياً نعى فيه الراحل الكبير، موضحاً أن شوشة صاحب مشوار أدبي طويل، توِّج بأرفع جائزة أدبية في مصر وهي جائزة النيل في الآداب العام الماضي، مشيراً إلى أنه كان بمثابة معلم عظيم نشأ على يديه ملايين العرب.

شدد النمنم على أن البرنامج الإذاعي الشهير «لغتنا الجميلة» لم يكن مجرد برنامج بل كان مدرسة، استقطب فيها الراحل طلابه ومحبيه للغة العربية ونصوصها الجميلة، موضحاً أن شوشة استطاع أن يكون حلقة وصل بين الشعر الحديث وبين الشعر القديم، وصنع جسوراً بين الشعراء المصريين والعرب، من خلال كتاباته المتنوعة.

وقال رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية الدكتور محمود الضبع إن شوشة كان ممن خدموا الثقافة العربية بإخلاص، كما كان له دور بارز في خدمة دار الكتب والوثائق القومية خلال سنوات قضاها في عضوية مجلس إدارة الهيئة شهدت فيها مصر تغيرات سياسية كبرى وقد ظل حريصاً على حضور الاجتماعات بانتظام رغم اعتلال صحته في الآونة الأخيرة.

وأصدر مجمع اللغة العربية بياناً جاء فيه أن الراحل ساهم بشكل كبير في إثراء الحياة الثقافية في الوطن العربي، وكان هدفه الأول والأخير انتشار الإعلام الثقافي الصحيح، ذلك من خلال برامجه التي كان يقدمها عبر آثير الإذاعة.

من جانبه، نعى الروائي والكاتب يوسف القعيد، الشاعر الكبير فاروق شوشة مؤكداً أن الراحل الكبير جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر، مطالباً بإقرار أشعار «شوشة» في مناهج الدراسة، حيث إنها ستساهم في تعلق الطلاب باللغة العربية وبالشعر، معتبراً أن شوشة أحدث ثورة في تاريخ اللغة العربية ولا تقل مجهوداته وإسهاماته عن إسهامات الراحل الكبير عباس محمود العقاد.

تابع القعيد: «سيبقى شوشة علامة فارقة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية وأحد أبرز أعلام اللغة العربية وآدابها»، مضيفاً: «اللغة العربية كانت هاجسه الأول»، مشدداً على أهمية تبني وزارة الثقافة أعماله الشعرية والنثرية وإعادة طباعتها حتى تستفيد منها الأجيال الجديدة.

من جانبه ذكر الشاعر محمود قرني: «لا يستطيع أحد أن ينكر أن فاروق شوشة قيمة كبيرة غابت عن حياتنا رغم اختلافي معه كشاعر»، مشيراً إلى أنه يحترم إسهاماته الأدبية كأحد أكبر العارفين بأسرار العربية وعلينا اليوم ونحن نودعه إلى مثواه أن لا نحاسبه على أنه كان شاعراً محافظاً معادياً للتجديد، مشيراً إلى أن شوشة كان ابن مشروع وقناعات فكرية وجمالية، وأنتج في إطارها الكثير.

الشاعر علاء عبدالهادي، رئيس اتحاد كتاب مصر، أكد أن المشهد الشعري العربي فقد صوتاً رائقاً ونقياً من أصوات الشعر العربي، مشدداً على أن اللغة العربية فقدت أيضاً واحداً من الأصوات المهمة التي لن تعوض مجدداً، مشيراً إلى أن عمله الإعلامي ساهم في نشر قيم اللغة العربية، وفي الحفاظ عليها، معتبراً وفاته خسارة كبرى لجمهور الأدب المحب لشعره ولقيم الالتزام والرقي في الثقافة العربية.

الناقد شعبان يوسف أكد أن الراحل الكبير كان يعتز بمصريته إلى أقصى درجة وكان يعي تماماً أهمية بلده وأهمية اللغة العربية، مؤكداً أن أداءه كان مثالاً للنزاهة والعفة، ورغم أنه كان الإعلامي الأهم والأشهر فإنه كان يفضل البعد عن الإعلام نهائياً، مشيراً إلى أنه كان نموذجاً ثقافياً محرضاً على المواقف المحترمة ولم يطلب أية جائزة كما يفعل البعض بل كان مثالاً للشرف والنزاهة.

صندوق التنمية الثقافية التابعة لوزارة الثقافة نعى الراحل مؤكداً أن الشعر العربي فقد أحد أساطيره، خصوصاً أن أجيالاً كاملة نشأت على أشعاره وصوته في الإذاعة المصرية أثناء تقديم برنامجه الإذاعي {لغتنا الجميلة}، الذي علم الكثيرين منا وبشكل مبسط لغتنا العربية، وطالب تلامذته ومريديه بأن يكملوا مسيرته ويسيروا على دربه.