هل تتمكن الحكومة من لجم الاحتكار؟
في الوقت الذي قررت فيه الحكومة المصرية، تشكيل لجنة لتحديد هامش ربح "متحرِّك" للسلع الغذائية، والتعاون مع "اتحاد الصناعات المصرية"، لمنع أي ممارسة احتكارية في السلع الغذائية، قلل خبراء من قيمة التحركات الحكومية، نظراً إلى أنها لن تمنع ممارسات كبار التجار بشكل واف، كما لن تصل إلى منع صغار التجار من تحريك الأسعار لتحقيق مكاسب طائلة. وفي حين أعلنت مديرية أمن الجيزة، أمس، أن أجهزة الأمن ممثلة في رجال المباحث والتموين، استطاعت توجيه ضربة قاصمة لمحتكري سلعة "السكر"، بضبط أكثر من 800 طن خلال 48 ساعة، كلف رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، الاثنين الماضي، وزيري العدل والشؤون القانونية والنواب، بمراجعة التشريعات اللازمة لتغليظ العقوبات المقررة على الممارسات الاحتكارية، واستصدار قانون منظم، بينما وجَّه وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار بصرف مكافآت مالية بقيمة 5 آلاف جنيه لكل مواطن يُدلي بمعلومات صحيحة، تساعد في ضبط المحتكرين وأماكن تخزين السلع.
واعتبرها الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، "خطوة جيدة تستطيع من خلالها الحكومة العمل على ضبط الأسواق وتشديد الرقابة وتفعيل القوانين، لمنع التلاعب في الأسعار واحتكار السلع"، مُبدياً تفاؤله بجني ثمار هذه الخطط الحكومية قريباً، والعمل على ضبط سوق السلع.لكن الإجراءات الجديدة لضبط محتكري السلع في مصر، أثارت العديد من الانتقادات، فقد قال رئيس "جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك" أمير الكومي، إنها "لن تثمن ولن تغني من جوع"، لافتاً إلى أن "أزمة احتكار السلع مفتعلة من قبل الحكومة لتحريك الأسعار"، وقال الكومي لـ"الجريدة": "لكي تتمكن الحكومة من ضبط سوق السلع عليها أن تتجه أولاً إلى المنافسة لا الرقابة المعلنة على الأسواق"."التشريع وحده لا يكفي لمنع الاحتكار"، بهذه العبارة بدأ المحامي طارق العوضي تعليقه على قرارات الحكومة، لافتاً إلى أن مصر لديها فعلياً سلسلة من القوانين والتشريعات الجنائية، يفترض أن تمنع احتكار السلع، وقال: "لابد من تفعيل الأداء الرقابي بشكل جاد، وأن توجد إرادة حقيقية لمواجهة لوبي الفساد المتفشي بالداخل، وأطالب بضرورة تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد، تمتلك السلطة في التنفيذ".وكانت تقارير إعلامية كشفت مؤخراً، أن هناك بجانب الاحتكار الذي يقوم به كبار التجار نوعا آخر من "الاحتكار الأفقي"، يتعلق بشبكة من صغار التجار، وآلاف الباعة لسلعة ما في أغلب المحافظات، يرتبطون بعلاقات مع مسؤولين حكوميين، يتلاعبون بالأسعار عبر معلومات عن شحنات معطلة وعمليات استيراد مؤجلة، الأمر الذي يجعل أسعار بعض السلع ترتفع بصورة غير مقبولة من كبار التجار، ومن صغارهم أيضاً.