لغز حل البرلمان في عطلته!
منذ إعلان حل مجلس أمة 2013 الأحد الماضي بحثت في المسببات التي تستوجب حله، فلم أقتنع بأي منها، لذا راجعت الأحداث على الساحة الكويتية التي تستوجب هذا الاجتماع المفاجئ للحكومة، ورفع مرسوم حل البرلمان بهذا الشكل الدراماتيكي إلى سمو أمير البلاد، فلم أجد كذلك سبباً واحداً مقنعاً.الغريب أن رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم طل من شاشة تلفزيونية قبل الحل بساعات ليذكر أسبابه التي صاغتها الحكومة تقريباً بنفس المضمون في مرسوم الحل، وبعد ذلك يحل المجلس ويأخذ رئيسه صوراً تذكارية، وهو في قمة سعادته، مع موظفي الأمانة العامة لمجلس الأمة ويغادر مبناه.الأسباب الحكومية للحل متهافتة وضعيفة، فالأحداث الإقليمية الحرجة والمستعرة مستمرة منذ الحرب العراقية – الإيرانية عام 1980، ولم تهدأ يوماً حتى هذه الساعة، والحالة الاقتصادية كذلك متذبذبة مع أسعار النفط على مدى العقود الأربعة الماضية، بل إن وضع المالية الكويتية تحسن حالياً كثيراً، بعد تجاوز سعر برميل النفط الكويتي 46 دولاراً للبرميل، وهو تقريباً سعر التعادل في الميزانية الكويتية، كما تقدره بعض الأوساط الاقتصادية المحلية والدولية.
أما بالنسبة للقرارات الاقتصادية التي طلبتها الحكومة فإن معظمها طبق، سواء زيادة تعرفة الكهرباء والماء والرسوم على بعض المعاملات الرسمية، أو قضية رفع أسعار الوقود، التي أصبحت واقعاً، والنقد النيابي لم يكن معروفاً مدى جديته حتى يعقد مجلس الأمة جلساته، وتتضح ماهية قراراته تجاهه، وعندها كان للحكومة أن تتخذ خياراتها سواء بالاستقالة أو رفع مرسوم لحل البرلمان، وفيما يتعلق بالاستجوابات التي قدمت فإنها لم تكن بتلك الجدية، كما تعلم الحكومة التي مرت من كل المساءلات السياسية في هذا المجلس بسلاسة ودون قلق حقيقي من مضاعفاتها.أما الحديث عن العودة للناخبين لتحديد توجهاتهم وخياراتهم في المرحلة المقبلة فهو أشبه بالمزحة، حيث إن أي طالب مبتدئ في العلوم السياسية أو الحقوق يعلم أن النظام السياسي الكويتي هو مزيج من النظامين البرلماني والرئاسي، وليس نظاماً برلمانياً كاملاً، حيث تؤدي اختيارات الناخبين إلى تشكيل حكومة أغلبية برلمانية لتحقيق برنامج عمل شعبي، كما يحدث في بريطانيا أو الهند أو إسرائيل عند حدوث انقسام وطني حول قضية أو قضايا مهمة تستوجب العودة للناخبين لتحديد رأي الأغلبية الشعبية حيالها، وبرامج عمل للتعامل معها تقدمها أحزاب سياسية.كل الأسباب التي صاغتها الحكومة لحل البرلمان دون حتى انتظار جلسة افتتاح دور الانعقاد الأخير للفصل التشريعي الحالي غير مقنعة، وأيضاً استعجالها في إجراء الانتخابات قبل نهاية المهل الدستورية، وترسيخ 13 عاماً وتسعة مجالس برلمانية متتالية دون استكمال أي مجلس أمة منها مدته الدستورية هو إنهاك وتفريغ للحياة الدستورية والبرلمانية من مضمونها، وأهدافها، تُسأل عنه الحكومة التي تصرفت بهذا الشكل... وهو ما سيجعل الكويتيين يتساءلون طويلاً عن لغز حل مجلس 2013 خلال عطلته الدستورية؟!