في السابع من أكتوبر نشرت صحيفة Dawn في باكستان مقالاً يتناول بالتفصيل مخاوف الأوساط الداخلية في الحكومة الباكستانية المدنية، إذ يشهد هذا البلد راهناً جدالاً حامياً حول دعم باكستان سراً المجموعات المقاتلة في أفغانستان.وفصّل المقال الذي حمل عنوان "المدنيون يقولون للجيش: لنواجه المجاهدين أو نواجه العزلة الدولية" الخطط التي رسمتها الحكومة المدنية للجيش ومكاتب الدفاع بغية التحرك لمنع المجموعات المجاهدة الناشطة في البلد. وأصدرت إسلام آباد قرار اتخاذ خطوات حاسمة لمحاربة المجموعات المتمردة العاملة في البلد عقب اجتماع رفيع المستوى ترأسه رئيس الوزراء نواز شريف، وأطلع فيه وزير الخارجية أعزاز أحمد شوهدري أعضاء بارزين في الحكومة على أن نقاط الخطاب الدبلوماسي الباكستاني تخفق في إقناع المجتمع الدولي، وأن باكستان تواجه احتمال التعرض للعزلة الدولية.
بينما تخرج أفغانستان مترنحة من أحد أكثر فصول القتال التي شهدتها دمويةً مع بلوغ حصيلة الضحايا بين شهرَي مارس وأغسطس 4500 ضحية، تشير أصابع اتهام كثيرة إلى دعم باكستان مقاتلي طالبان وتعتبره المسؤول الأكبر من عدم الاستقرار والخلاف المتفشيين في المناطق الريفية.تواجه خمس من العواصم الإقليمية الأفغانية خطر الانهيار، فعلى سبيل المثال تعرضت القوات الأفغانية، التي تتخبط محاولةً ردع تقدّم حركة طالبان في منطقة لشكر كاه، لمجرزة كبيرة، في حين كانت تخطط للتفاوض بشأن انسحاب تكتيكي، وتشير التقارير إلى أن نحو مئة جندي أفغاني قُتلوا في كمين.فضلاً عن ذلك نُشرت القوات الأميركية بسرعة لمؤازرة قوى الأمن الأفغانية في سعيها لاستعادة المكاسب التي حققتها طالبان قرب مدخل مدينة فراه، عاصمة محافظة فراه.وحمّل هارون تشاخانسوري، المتحدث باسم الرئيس الأفغاني أشرف غني، باكستان مسؤولية الجزء الأكبر من هذا العنف في تعليق أدلى به لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقال: "نرى الكثير من الحقائق والأدلة في القتال الجاري في أروزكان وقندوز على أن أجانب وجنرالات يقودون المجموعات الإرهابية وعملياتها، وأن هذه المجموعات تتلقى الدعم العسكري والمالي من خارج أفغانستان. وتُظهر طريقة إدارة هذه الحرب أن مَن يقودونها خبراء محترفون. ويتضح هذا الواقع جلياً".رغم إشارات واشنطن إلى إسلام آباد فإن باكستان تواصل استهداف كابول مستعينة بعملائها، وخصوصاً شبكة حقاني التي تشكّل "ذراع باكستان الحقيقية"، بالإضافة إلى ذلك يميّز الجزء الأكبر من المجتمع الدولي بصمة باكستان على الاعتداء الإرهابي الذي استهدف معسكراً هندياً في أوري بكشمير، وقتل 17 جندياً هندياً في شهر سبتمبر.ربما تشعر باكستان بالضغط مع اعتقال ثلاثة قادة بارزين في حركة طالبان بينهم الملا ناني، الذي يُعتبر رئيس استخبارات الملا أختر منصور، وتشير مصادر محلية إلى أن عمليات الاعتقال هذه تعود إلى رفض طالبان خوض محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية.أطلقت باكستان في الماضي عمليات رفيعة المستوى للقضاء على المجاهدين في محاولة منها لإقناع المشككين بمدى جديتها في محاربة المجموعات المقاتلة في البلد، فعلى سبيل المثال شنت باكستان عام 2014 عملية عسكرية كبيرة دُعيت "ضرب عضب" في شمال وزيرستان كان هدفها محاربة المجموعات المقاتلة المختبئة في تلك المنطقة الحدودية الباكستانية، لكن محللين كثيرين أكّدوا أن باكستان استغلت هذه العملية لحماية المجموعات التي اعتبرتها مهمة لجهودها الاستراتيجية وسمحت لعدد من فصائل طالبان بالهرب من المنطقة.ولكن يجب ألا يرضى المجتمع الدولي بمناورات باكستان هذه، حيث يشير تقرير المنافسة العالمي لعام 2016-2017 إلى أن باكستان تُعتبر راهناً الاقتصاد الأقل قدرة على المنافسة في جنوب آسيا، وأنها تحتل المرتبة 122 بين الدول الـ138 في هذا التقرير، فقد أدى تداعي قاعدة باكستان الصناعية واعتمادها على الواردات إلى تراجع قدرتها على المنافسة في المنطقة.ونتيجة ضعف باكستان الاقتصادي ازداد اعتمادها على الاستثمارات الصينية، وخصوصاً الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، فتحولت هذه الاستثمارات إلى بارقة الأمل الوحيدة في مستقبل باكستان الاقتصادي الحالك. إذاً، إن كانت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يرغبان في الحصول على تنازلات كبيرة من باكستان، فعليهما التلويح بجديةٍ بإمكان فرض عقوبات، وبما أن المجتمع الدولي بدأ يعرب عن استيائه من دعم باكستان المجموعات المجاهدة، فإن الوقت الآن مناسبٌ لوضع العقوبات على الطاولة، وقد آن الأوان لضرب باكستان في أبرز مواضع ضعفها.
مقالات
آن الأوان لفرض العقوبات على باكستان
21-10-2016