يوسف لـ الجريدة•: المشهد بالغ السوء ودور مصر محدد في ليبيا
«تمايز لا اختلاف في مواقف القاهرة والرياض... وإيران وتركيا تتدخلان في شؤون الدول العربية»
اعتبر المدير الأسبق لمعهد البحوث والدراسات العربية بجامعة الدول العربية أحمد يوسف أحمد، أن المشهد العربي بالغ السوء، بسبب حالة عدم الاستقرار في أكثر من دولة، مؤكداً في مقابلة مع «الجريدة»، أن استمرار العلاقات بين القاهرة والرياض ضروري لصحة النظام العربي، والتضامن بين الدولتين مسألة مهمة لأمنه واستقراره. وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن دور مصر محدد في ليبيا يتضمن دعم مجلس النواب الشرعي والجيش الوطني... وفيما يلي نص الحوار:
* كيف ترى المشهد العربي الآن بعد نحو ست سنوات من انطلاق ما يعرف بثورات «الربيع العربي»؟
- الوضع بالغ السوء، فلك أن تتذكر أن عدداً من الدول العربية الرئيسية مثل العراق وسورية واليمن وليبيا تعاني من انعدام الاستقرار، وبالتالي الأمن العربي أصيب بأضرار بالغة جراء انشغال أهم الجيوش العربية في صراعات داخلية، والملمح الثاني هو تفاقم التدخل الخارجي في الشؤون العربية سواء على الصعيد الإقليمي كما هو الحال بالنسبة لإيران وتركيا، أو على الصعيد العالمي، كما هو الحال بالنسبة لأميركا وروسيا، والدليل على ذلك الصراع السوري الذي بات من المستحيل حله بقرار عربي منفرد.
* هل أثرت موجة التوتر الأخيرة بين مصر والسعودية على المشهد العربي؟
- الأزمة الأخيرة التي جاءت بعد تصويت مصر في مجلس الأمن لمصلحة قرار روسي بشأن سورية تأتي في سياق التمايز بين الدولتين في بعض الأمور، وليست اختلافاً حقيقياً، ولكن المشكلة أن هناك استقطاباً حاداً في الصراع السوري، ووجهات النظر المصرية والسعودية مختلفة في الشكل وليس في المضمون، الرياض مصرة على خروج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة، بينما ترى مصر أن الأولوية للحفاظ على الدولة السورية وسلامتها الإقليمية، لأنها تعتقد أن الخروج المفاجئ للأسد من السلطة يمكن أن يحدث تداعيات سلبية على الدولة السورية، وهذا هو جوهر الخلاف، وهناك رغبة حقيقية على المستوى الرسمي لتجاوز الأزمة سريعا، كما بدا من تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضي.* هل سيكون للأزمة تداعيات على المشهد العربي؟
- العلاقات المصرية السعودية متراكمة ولها تاريخ طويل من التعاون، وحققت نجاحات أساسية في الساحة العربية، مثل التصدي للمطالب العراقية بضم الكويت عام 1961، والتضامن أثناء حرب أكتوبر 1973، عندما استخدمت السعودية ودول الخليج سلاح البترول لمساندة مصر وسورية في الحرب، وفضلا عن تضامن الدولتين مع الكويت في صد عدوان صدام حسين، فاستمرار العلاقة بين الدولتين أمر ضروري لصحة النظام العربي، والتضامن بين الدولتين مسألة مهمة لأمن النظام العربي واستقراره ورفاهيته، وغير ذلك يزيد من ضعفه.* ماذا عن تعاطي القاهرة مع الأزمة اليمنية؟
- لا يوجد خلاف بين مصر والسعودية حول الصراع الدائر في اليمن، ولكن ربما السعودية لديها تحفظات على مستوى المشاركة في عاصفة الحزم، فالقاهرة لديها القدرة على رفع مستوى مشاركتها، لكن همومها الأمنية المباشرة تجعل المشاركة خارج الحدود موضع نظر ودراسة، لأنها تواجه الإرهاب في سيناء والداخل المصري، فضلاً عن الموقف الأمني الخطير للوضع في ليبيا الملاصقة لمصر من جهة الغرب، إضافة إلى أن الذاكرة التاريخية عن مشاركة مصر في الصراع اليمني في الستينيات تمثل قيداً على أية مشاركة مصرية واسعة النطاق في الصراع اليمني.* ما تقييمك لدور مصر في الأزمة الليبية؟
- الصراع الليبي هو أكثر صراع لمصر دور محدد فيه، فهي تؤيد موقف مجلس النواب الشرعي والجيش الليبي، الذي صرح بدوره أن مصر تقدم له مساعدات تدريبية، واستطاع بفضل ذلك تحرير حقول وموانئ الهلال النفطي، وتسليمها إلى مؤسسة النفط الوطنية، ما أدى إلى زيادة الصادرات من 200 ألف برميل إلى نصف مليون برميل يومياً.* كيف ترى تحرك الديبلوماسية المصرية على صعيد العلاقات الدولية؟
- منذ ثورة يوليو 1952 وهناك ثلاث دوائر للسياسة الخارجية المصرية، عربية وإفريقية وإسلامية، كما طورت ثورة يوليو سياسة عدم الانحياز، وتصوري أن هذه الخطوط العامة حاكمة حتى الآن بالرغم من تراجع الدور المصري في الفترة السابقة، لكن عقب ثورتي «25 يناير 2011»، و»30 يونيو 2013»، عاد الاهتمام بالدائرتين العربية والإفريقية بشكل واضح، فالقاهرة أقامت ونمت علاقات متوازنة مع دول القارة السمراء، وقوى كبرى شرقية مثل الصين والهند واليابان وروسيا، دون الإخلال بعلاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.