ما إن حلَّ مجلس الأمة نفسه وصدرت الدعوة لانتخابات جديدة، ومع أول فرقعة فلاش كاميرا لمصور صحافي، قفزت على السطح الانتخابي من جديد مجموعة كبيرة من متقاعدي المقاطعة والمعارضة والنضال السلبي، جاؤوا فرادى وتيارات ومجاميع، معلنين رغبتهم في العودة إلى المنافسة الانتخابية وفق الصوت الواحد، باعوا مبدأهم مقابل كرسي برلماني، مبررين تراجعهم هذا بتلبيتهم لنداء الوطن وحاجته الماسة إليهم لإنقاذه من الفساد، ومحاربة المفسدين، والمشاركة التي أصبحت واجبة الآن، وإلى آخر هذه الأسطوانة الممسوحة التي صارت لا تطرب من كثرة إعادتها.لا يعنيني كثيراً هنا موضوع الصوت الواحد ومدى شرعيته ومن شارك أو قاطع بقدر ما أنا معني ومندهش من هذه الأنا المتضخمة، والنرجسية السياسية الزائدة عن حدها لدى بعض المرشحين العائدين أو حتى بعض المستجدين، ونظرتهم الفوقية المتعالية لأعضاء مجلس الصوت الواحد الراحل، كأنهم كانوا هم ورفاقهم أفضل منهم أداءً وفكراً وأخلاقاً وإبداعاً، وهذا لا يدل على استهتارهم المفرط بذاكرة وعقول الناس فقط، بل وعلى قدرتهم الفائقة على تأليف الكذبة وتقمصها والإيمان بها، كأن أغلبهم لم يكونوا نواباً لسنوات وأدخلوا البلد حينها في مصائب من واحدة لأخرى ومن تفاهات لأتفه، فالقماش الرديء مهما فصلت منه دشداشة بصوت واحد او بدلة بأربعة أصوات يظل رديئاً، أما هذا الفساد الذي هو كالإرهاب، لا يوجد تعريف متفق بيننا عليه، والذي عدتم لمحاربته، موجود قبلكم منذ أن ظهر في البر والبحر، ومعكم حيث كنتم من كبار المساهمين فيه، وسيستمر بعدكم إلى أن يشاء الله، فلا تذلنا عزيزي المرشح العائد للأضواء بنزولك، حتى تصعد على أكتافنا لتحقق طموحاتك المادية أو النفسية أو الخيالية وأحلامك بالخلود ودخول التاريخ المزدحم وقيادة ثورة الجماهير الكادحة المظلومة يا لينين زمانك، وأنت في أشرف حالاتك من حملة الملفات لتخليص معاملات فاسدة تهدر من خلالها الأموال والحقوق والعدالة، ثم تأتي بعدها لتدّعي المثالية والكمال على رؤوسنا المعتادة "عالعنقيش" و"الفلعات" التاريخية.
الكويت لم تنادِ أحداً، فلا تحملوها جميل رجوعكم عن حماقاتكم، أنتم الذين ناديتم أنفسكم لتنقذوا مستقبلكم بعد أن أيقنتم أنه لا قيمة سياسية أو فكرية أو اجتماعية لكم خارج المجلس، فلا تمنوا علينا وعلى الكويت بطموحاتكم الخاصة، ولا تتفضلوا علينا بترشحكم، تريد أن ترجع في كلامك وتترشح هذا حقك بالتأكيد، لكن لا تزايد، وترشح وأنت ساكت لو سمحت.
أخر كلام
نقطة: الكويت ما نادت أحداً!
22-10-2016