بوتين يلين مع تقلص الاقتصاد الروسي
![إيكونوميست](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1495703498349730300/1495704146000/1280x960.jpg)
ربما كان بوتين يحاول مجاراة الميل السائد، إذ أظهر استطلاع أجراه مركز ليفادا المستقل أن 75% من الروس يؤيدون تحسين العلاقات مع الغرب، كما أن الاقتصاد الروسي بلغ مرحلة حرجة، لذا ألمح بوضوح: "إن لم نسعَ للتغيير، فسينفد احتياطنا وسيقارب معدل النمو الصفر". بدأت المشاكل الاقتصادية تمس مجموعات موالية للقيادة الروسية، فتتنقل هناك ببطء تظاهرة احتجاج وطنية ينظمها قادة الشاحنات منذ منتصف نوفمبر، إذ يعارض السائقون نظام ضريبة جديداً فُرض على الحمولات الكبيرة على الطرقات الفدرالية، كذلك يرفضون واقع أن الرجل الذي يتقاضى أجراً لإدارة هذا النظام ليس سوى إيغور روتنبيرغ، ابن أركادي روتنبيرغ، أحد أقدم أنصار بوتين، فترد على إحدى اللافتات المعلقة على شاحنة في جنوب روسيا عبارة "روتنبيرغ أسوأ من داعش".لاشك أن لهذه المواجهة بين المقاولين المستقلين ونظام المحسوبية في روسيا بقيادة بوتين مدلولات سياسية قوية، ومن المستبعد أن يحقق السائقون مرادهم، إلا أن تظاهرتهم تشكل رمزاً يعكس المشاكل التي تعتمل تحت سطح شعبية بوتين المرتفعة، فقد خُفضت موازنة الدولة لعام 2016 بنحو 8% مقارنة بالسنة السابقة، أما المداخيل المتاحة، فبدأت تنخفض للمرة الأولى في عهد بوتين.والأكثر خطورة الاتهامات التي أطلقها السياسي المعارض ألكسي نافالني ومنظمة محاربة الفساد التي يرأسها قبل أيام بشأن عائلة المدعي العام في روسيا يوري شايكا، فقد نشرت المنظمة فيلماً مدته 44 دقيقة على شبكة الإنترنت يبدأ بصور الحفل الافتتاحي في منتجع فخم في اليونان، وقد تضمن الحفل ألعاباً نارية وعروضاً من نجوم شعبيين روس، ثم ادعى الفيلم أن ابن شايكا، أرتم، يملك جزءاً من هذا الفندق، الذي يشكل إحدى الملكيات التجارية التي يزعم أن ابناء شايكا كدسوها من خلال صفقات الخصخصة والعطاءات الحكومية.ينكر شايكا كل هذه الأخبار ويتهم نافالني بتنفيذ عملية تشويه سمعة بطلب من مجهولين دفعوا له المال، لذلك يخطط لمقاضاته بتهمة التشهير، في المقابل، يرد نافالني بأنه سيقاضي شايكا بتهمة الافتراء، لكن دميتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، رفض التعليق على فيلم نافالني قبل أيام، مكتفياً بالقول إن الكرملين منهمك بالتحضير لخطاب بوتين ولم يشاهده.قد يشكل هذا الرد البارد إشارة إلى توتر بين أعضاء النخبة الحاكمة، ولكن من المستبعد أن يتخلى بوتين عن شايكا، فضلاً عن أنه من المستحيل أن يشن حرباً فعلية ضد الفساد، لأن هذا يعني أن عليه أن يقوض نظام السلطة العمودي كله، وللسبب عينه، يعتبر بوتين أنه من المستحيل الإصغاء إلى نصيحة مَن يطالبون باقتصاد أكثر تحرراً، والحد من البيروقراطية، والترويج للمنافسة.وبدلاً من ذلك، اختار الرئيس المزيد من وسائل الإلهاء، فيعشق الروس رئيسهم لأنه أعاد روسيا إلى مكانتها "كقوة عظمى"، وعند سؤالهم عما يجعل روسيا عظيمة، يذكرون الثروة والقوة العسكرية، لذلك كلما تراجعت الأولى في الداخل، كان عليه أن يضاعف تأكيد الثانية في الخارج.