قال تقرير «الشال» إن تكلفة أزمة العالم المالية عام 2008 كانت كبيرة، فالفاقد من معدلات نمو الاقتصاد العالمي كبير، ومعه بات العالم يتعايش مع معدلات بطالة أعلى، وحتى نماذج النمو، اختلفت بسبب الأزمة، وأهمها التغيير الذي حدث للنموذج الصيني بالتحول في محركاته من خارجية - صادرات واستثمار أجنبي - إلى داخلية، أي استهلاك داخلي للسلع والخدمات.

وأضاف التقرير انه مع هذا التغير، وبمساعدة التقدم التقني، انخفض الطلب على المواد الأولية وضمنها النفط والغاز، وباتت أوضاع الدول المصدرة لها مضطربة، سواء كانت دولاً نفطية، أو اقتصادات نامية وناشئة. وليس في الأمر مؤامرة، وإنما بات من الضروري خلق محركات نمو جديدة لمثل هذه الدول أسوة بالصين، وبات من الضروري تقوية جهاز مناعتها، لأن ضعفها يورث الأمراض، الكثير من الأمراض.

Ad

القطاع المالي

وتابع، لكن، في خضم هذه المعمعة، لم ينس العالم القطاع المالي الذي تسبب في الأزمة، فحتى قيام وزارة العدل الأميركية الشهر الفائت بفرض غرامة على «دوتشه بنك» الألماني بنحو 14 مليار دولار، لتسببه في خداع عملائه حول نوعية ما يعرض عليهم من سندات ضمانها رهونات عقارية للفترة من 2005 إلى 2007، بلغت الغرامات المفروضة على أكبر 20 مصرفا نحو 235 مليار دولار وفقاً لوكالة «رويترز».

وأوضح أن ذلك يعني أن مجموع تلك الغرامات شاملة الأخيرة على «دوتشه بنك» بلغت نحو 249 مليار دولار، وهناك تقديرات جديدة تضيف إليها نحو 13 مليار دولار أخرى لتبلغ جملتها نحو 262 مليار دولار. والبعض تستهويه نظرية المؤامرة، ويربط ما بين العقوبة الجديدة على «دوتشه بنك» الألماني، ومطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض ضرائب بنفس المبلغ تقريباً على شركة «أبل» في إيرلندا الشمالية، وبأنها بداية حرب أميركية أوروبية، وهي حرب أصبحت أسهل بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

قائمة الغرامات

واستدرك، لكن، لا نجزم بصحة هذا الاعتقاد، لأن مراجعة قائمة الغرامات تضع العبء الأكبر لها على البنوك الأميركية، مثل «بنك أوف أميركا - Bank of America» الذي فرضت عليه غرامات بنحو 80 مليار دولار، وثاني أكبر من فرض عليهم الغرامات كان «جي بي مورغان- «J.P.Morgan بنحو 40 مليار دولار، وهو أيضاً أميركي.

وأكد التقرير أن الغرض من فرض تلك الغرامات، هو عقاب المتسبب فيها حماية لتعاملات المستقبل، بالإضافة إلى تعويض بعض ما اقتطع من دافعي الضرائب للعلاج الآني لتداعيات تلك الأزمة، وهو أسلوب مشابه لما فرضته ألمانيا من شروط قاسية على الدول المتسببة في أزمة ديون أوروبا السيادية.

ملاحقة المتسببين

وأشار إلى أن أزمة العالم المالية مر عليها 8 سنوات، وملاحقة المتسببين فيها مازالت مستمرة، يحدث ذلك رغم تغير الإدارات العامة في تلك الدول، فليس في الأمر عداء، وإنما حكم مؤسسات، فالدول باقية والإدارات زائلة. وإذ أسقطنا ذلك على أحوالنا، فسنجد العكس يحدث، فالأزمات تأتي وتمضي، والإدارات دائمة، ولا عقوبات ولا علاج لأزماتنا المتلاحقة، أو تلك المقبلة.