ترامب يؤكد مخاوف الجميع الأسوأ
شهدنا مناظرة ذات مسارَين، شكّلت هذه المناظرة أحياناً إطاراً لحجج مفصّلة عن مسائل خطيرة قدّمت خلالها هيلاري وترامب للناخبين صداماً مباشراً نسبياً بين وجهتَي النظر التقدمية والمحافظة.لكننا نعيش في عام 2016، وقد تناولت في نهاية المطاف مناظرة ثالثة وأخيرة المسألة الأكثر أهمية في هذه الحملة: هل ترامب أهل ليصبح رئيساً؟ رغم التقدّم الكبير الذي تحققه هيلاري في استطلاعات الرأي، لم تعرب عن التحفظ في المناظرات، كما توقع كثيرون. على العكس هاجمت ترامب بحدة، متناولة كل لائحة عيوبه، فقد اتهمته بأنه "دمية" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونددت بمعاملته للمرأة، واستهزائه بمراسل معوّق، وعادته الادعاء أن أي مباراة لا يفوز بها تكون "غير نزيهة" وخسارته فيها متعمدة.كذلك أشارت هيلاري بوضوح إلى أحد المحاور الختامية في حملتها عندما أعلنت أن ترامب أعرب "عن نمط من الانقسام وعن رؤية حالكة وخطيرة جداً بالنسبة إلى بلدنا"، وأضافت أن الانتخابات تتمحور حول "نوع البلد الذي نود أن نبنيه".
في المقابل اعتمد ترامب على ترسانته من اعتداءاته المفضلة ضد كلينتون، من عمل مؤسسة كلينتون إلى استخدامها خادم بريد إلكتروني خاص ودورها في سياسة إدارة أوباما الخارجية، وذكر ترامب: "تُظهر الأدلة أنها كاذبة".لو اقتصرت المناظرات على الصراع العقائدي والمناوشات البسيطة المعتادة من هجوم وردّ لشكّلت على الأرجح انتصاراً لترامب، نظراً إلى تراجعه في استطلاعات الرأي وهفواته وكذبه خلال أدائه في المناظرات الأولى، لكن ترامب قدّم في المناظرات اللاحقة أيضاً لحظات ستساهم بالتأكيد في تعزيز شكوك عدد كبير من الناخبين حياله.رفض ترامب مراراً التنديد ببوتين، حتى إنه أثنى عليه مجدداً، معتبراً إياه أفضل من كلينتون والرئيس أوباما على حد سواء. فقد أعلن: "لا تحب بوتين لأنه فاقها ذكاء في كل خطوة". كذلك أساء ترامب إلى نفسه حين ندد بتسع نساء ادعين أنه تحرش بهن واتهمهن بأنهن كاذبات وأنهن يسعين وراء الشهرة، وعندما كررت كلينتون كلمات صرّح بها ترامب، أنكر بكل بساطة التفوه بها، مقدّماً للباحثين عن الوقائع غنيمة دسمة أخرى من صنع ترامب.حاول كريس والاس، الذي أدار المناظرة في لاس فيغاس، منذ البداية الضغط على كلينتون وترامب في سلسلة من المسائل المحددة: أي نوع من القضاة قد يرشحان؟ ما نظرتهما إلى الدستور؟ وما موقفهما من حقوق الإجهاض والحد من انتشار الأسلحة؟ وفي كل مسألة كانا يشددان على نقاط تروق لقاعدتيهما الانتخابيتين الأساسيتين.أيدت كلينتون بقوة قضية روي مقابل ويد وهاجمت بشدة قرار Citizens United الذي زعزع القيود المفروضة على تمويل الحملات. كذلك شددت على مطالبتها بقضاة يقفون مع المواطن العادية في مواجهته الأثرياء والأقوياء.أما ترامب فعانى ما عاناه دوماً: عجزه عن السيطرة على غضبه ومنع نفسه من المقاطعة، مما عزز وجهات النظر الأسوأ التي كونها الناخبون المتأرجحون عنه.ولعل اللحظة الأكثر أهمية في تلك الأمسية كانت رفض ترامب قول إنه سيتقبل النتيجة إن خسر. أعلن: "سأبحث في هذه المسألة في وقتها، وسأبقيكم متشوقين".لم يسبق أن شكك مرشح للرئاسة بشرعية كامل المؤسسة الانتخابية التي يشارك فيها، ويرتكز ادعاء كلينتون الأساسي على فكرة أن ترامب رجل خطير لا يحترم المؤسسات الأميركية والديمقراطية الأميركية، وفي هذه المسألة المهمة، قرر ترامب أن يثبت صحة كلام كلينتون.* إي. جي. ديون جونيور