أصبح انتخاب زعيم تكتل "التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون رئيساً للبنان في الجلسة النيابية المقررة في 31 الجاري، مسألة وقت. فقد اكتملت الصورة، أمس، مع حسم أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله موقفه لمصلحة سير الحزب في التسوية الرئاسية - الحكومية، التي تنص على انتخاب عون رئيساً للجمهورية وزعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري رئيساً للحكومة.
وبذلك أصبحت هذه التسوية مكتملة من الناحية الوطنية، حيث باتت تعكس توافقاً مسيحياً - سنياً - شيعياً، يمنح عون دفعة لتحقيق حلمه والجلوس على كرسي الرئاسة، المنصب الأول في الجمهورية، والمنصب المسيحي الأرفع في الشرق. وأزال نصرالله في كلمة ألقاها أمس، الشكوك بشأن نيةّ الحزب مراعاة رئيس مجلس النواب نبيه بري المعارض لخيار انتخاب عون، والتعذر عن حضور الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس، مؤكداً أن "كتلة الوفاء للمقاومة ستحضر الجلسة المقبلة وستنتخب عون رئيساً للجمهورية".وأشار نصرالله إلى "أننا نقدم تضحية كبيرة جداً عندما لا نمانع تولي الحريري رئاسة الحكومة". وتوجه نصر الله إلى قواعد "التيار الوطني الحر"، قائلاً: "الذي يشكك في التزامنا بترشيح العماد عون نقول له: هل هناك من جلسة حسمت فيها انتخاب عون ولم ننزل؟"، مضيفاً: "لا تسمحوا لأحد أن يستغل ويشوه العلاقة بيننا وبينكم".ولفت نصر الله إلى أن "هناك قوى سياسية تهدف إلى إثارة الفتنة بين حزب الله وبقية حلفائه، ونقول إن العلاقة بيننا وبين (حركة) أمل هي أعمق وأقوى وأصلب... وأياً كان خيارنا السياسي في الانتخابات الرئاسية، فإن هذا لا يفسد في الود قضية مع حلفائنا".وقال: "نقدر موقف صديقنا العزيز سليمان فرنجية وتعامله الشريف معنا بملف الاستحقاق الرئاسي والتواصل مستمر معه". كما شدد على عمق العلاقة مع بري وحركة أمل، مؤكداً أن الحزب يشارك في الجلسة، وهو يتفهم هواجس الحركة، التي هي بدورها تتفهم موقفه.
بري
إلى ذلك، أكد الرئيس بري، خلال ترؤسه أمس، في جنيف الاجتماع التشاوري لاتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي، أنه "لم يطرأ أي جديد على الوضع الرئاسي". وأضاف بري: "أود أن أذكر الجميع ونقارن بين ما طرحته في ما سمي السلة، وبين ما نسمعه ونعرفه عن اتفاق قد حصل".ورداً على سؤال، أجاب: "ليكن معلوماً، أكدت وأؤكد أنني لن أقاطع جلسة انتخاب الرئيس، ولم أقاطعها سابقاً، قلت للعماد عون، إن تعطيل النصاب في جيبتي الكبيرة لكنني لست أنا من يلجأ إلى تعطيل النصاب. لم أفعلها مرة ولن أفعلها".باسيل
في السياق، أشار رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل أمس، إلى "أننا مقبلون على مرحلة جديدة، وسيكون لنا رئيس أتى بإرادة شعبه، ولم يفرضه أحد على أحد".وأضاف باسيل: "اننا اليوم أمام وفاق وطني كبير بدأ بتفاهم مع حزب الله ثم القوات اللبنانية فتيار المستقبل، وطامحون لاستكمال التفاهمات حيثما يلزم".ولفت إلى "أننا نرى أن الوفاق لا يكتمل من دون الطائفة الدرزية ولا نريد أحداً خارج التفاهم الوطني"، معتبراً أن "انتخاب الرئيس انتهى من الناحية الحسابية وما تسمعونه هو من باب التشويش سواء بالأرقام أو المواقف الخارجية أو التحركات الشعبية".وأكد أن "الخيار سينتصر على الرهان والتفاهمات على الصفقات والأهم في ما يحصل هو أن يصبح قاعدة". كما وجّه "الدعوة إلى كل من يريد التفاهم ونريد الجميع معنا بلا استثناء أو إلغاء". وقال باسيل: "الثنائية التي نريد هي التي تقوم على جمع كل المسيحيين مع كل المسلمين بالتساوي على أساس الدستور".في سياق منفصل، قال وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي خلال استقباله وفوداً من عكار أمس إنه: "لا يمكن للمشروع الإيراني، الذي يرسل السلاح غير الشرعي لحزب الله أن يفرض عليّ الخضوع له"، وتابع ريفي: "ليس من الطبيعي أن يكون مرشّحي أحد مرشحي 8 آذار"، و"سنعبّر عما نريد، ولن يستطيع أحد أن يكمم أفواهنا، أوجه تحذيراً لوزير الداخلية نهاد المشنوق ولمحافظ الشمال رمزي نهرا... حقنا في التعبير هو حق دستوري وقانوني ومقدس (تعليقاً على قرار المشنوق إزالة اللافتات المناهضة لعون والحريري في طرابلس) وسنمارسه بكل حرية ولا يمكن منعنا من أن نعبّر عن رأينا أبداً. نحن نرى بميشال عون امتداداً للمشروع الإيراني مثلما رأينا بسليمان فرنجية امتداداً للمشروع السوري. رفضنا الأول ونرفض الثاني وسنعبر عن رأينا شاء من شاء وأبى من أبى".رجع الحق لصاحبه!
في خطوة تظهر قدرة الشارع اللبناني على التكيف بسرعة قياسية، قام مواطنون صباح أمس، وسط أوتوستراد المنية الدولي، الذي يربط طرابلس وعكار، أي في منطقة تسكنها غالبية سنية، برفع صورة كبيرة تجمع زعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ورئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، مذيلة بعبارة "رجع الحق لصاحبه".