قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة الكويتي أنس الصالح أمس، إن "هناك تأكيدا بين دول الخليج على أهمية التنسيق في المحافل الدولية للدفاع عن مصالحها الاقتصادية البترولية".

وأوضح الوزير الصالح لـ"كونا"، عقب اختتام أعمال اجتماع لجنة التعاون البترولي بدول مجلس التعاون الـ35 بالرياض، إن "اللقاء أكد أهمية تنسيق وتوحيد مواقف الدول الأعضاء في المحافل الدولية بشأن قضايا النفط والطاقة والبيئة والتجارة، للدفاع عن مصالحها الاقتصادية البترولية"، مشيراً إلى أن الاجتماع ناقش العديد من الموضوعات المهمة، لتعزيز التعاون والتنسيق الخليجي في مجال الطاقة والبترول.

Ad

ولفت إلى أن اللجنة استعرضت توصيات الاجتماع التحضيري الـ16 للجنة وكلاء وزارات البترول والطاقة بدول المجلس الذي عقد بالرياض في التاسع من الجاري، واتخذت بشأنها القرارات المناسبة.

وأضاف أنها اطلعت كذلك على سير عمل اللجان وانجازاتها فيما يخص استراتيجية الإعلام البترولي لدول المجلس، ونظام التعدين الموحد ولائحته التنفيذية وخطة الطوارئ الإقليمية للمنتجات البترولية، مشيدة بالتعاون القائم بين المراكز البحثية والجامعات بدول مجلس التعاون في مجال تطوير واستغلال مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.

وأفاد الوزير الصالح بأن اللجنة استعرضت نتائج اجتماعات فرق العمل ولقاءاتها بالمجموعات والتكتلات الدولية ومواقف دول المجلس في المفاوضات الدولية بشأن اتفاقية تغير المناخ ومنظمة التجارة العالمية.

ولفت إلى أنه تم على هامش الاجتماع عقد اجتماع آخر مع وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك، جرت خلاله مناقشة الأوضاع في سوق البترول العالمي، وما سيتضمنه اجتماع الفرق الفنية بالعاصمة النمساوية الذي سيعقد اليوم، لتدارس الكميات والإنتاج والتجهيز لاجتماع لمنظمة "اوبك" المزمع عقده في آخر نوفمبر المقبل.

من جانبه، أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح توافق رؤى دول مجلس التعاون على أن دورة الهبوط الحالية لأسعار النفط شارفت على الانتهاء، وأن هناك تحسنا ملحوظا في الأسعار في السوق البترولي الدولي.

وأعرب الفالح في مؤتمر صحافي مشترك بالرياض مع نظيريه القطري محمد السادة والروسي الكسندر نوفاك عن تفاؤله بالاتجاه المستقبلي للأسواق البترولية، وأنها ستشهد تحسنا مستمرا خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى تطابق سياسات دول مجلس التعاون بضرورة اتخاذ إجراءات لإعادة التوازن لأسعار النفط. وأشار الفالح إلى أنه رغم أن دول الخليج تتأثر صعوداً وهبوطاً بأسواق البترول الدولية، وقد تأثرت في هذه الدورة، فإنها تظل الأقوى على المستوى العالمي، بما تملكه من احتياطيات ضخمة في تحمل تذبذب أسعار النفط.

مواقف مشتركة

ولفت إلى أن دول المجلس كان لها دور مؤثر وفاعل في اجتماع (اوبك) بالجزائر، وتعمل بشكل جماعي في تنسيق واتخاذ مواقف مشتركة يحقق مصالحها، وبما يسهم ايجابيا في الاقتصاد العالمي.

وحول العلاقات بين السعودية وروسيا أكد الفالح ان هناك تقارباً كبيراً بين البلدين، خصوصا في التعاون الاقتصادي وفي مجال الطاقة والبترول، مشيرا إلى توقيع مذكرة بين الجانبين على هامش قمة العشرين في الصين للتعاون في المجال التقني والفني في مجال البترول والطاقة.

وفيما يتعلق بالاجتماع المشترك مع وزير الطاقة الروسي أوضح الفالح، ان "الاجتماع كان مثمرا وتم خلاله تبادل وجهات النظر وبلورة تصور مشترك للاجتماع المرتقب لدول "اوبك" والدول الخارج المنظمة نهاية نوفمبر القادم".

وشدد على أهمية وثقل دول مجلس التعاون الخليجي اقتصاديا، خصوصا في السوق البترولي بإجمالي إنتاج نحو 18 مليون برميل يوميا، ما يمثل أكثر من 20 في المئة من الإنتاج العالمي.

ووصف في هذا الصدد اجتماع الجزائر لمنتدى الطاقة العالمي الشهر الماضي بأنه كان "ناجحا" في دفع مسيرة التعاون بين الدول المنتجة والمصدرة للبترول والدول المستهلكة له، وتخللته مشاورات مهمة بين الخبراء من دول "أوبك" وخارجها بشان أسواق البترول.

وأوضح الفالح ان لقاء وزير البترول الروسي نوفاك مع نظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي بالرياض أمس أتى في إطار الدور المؤثر لروسيا كإحدى اكبر الدول انتاجا وتصديرا للبترول، وتمثل كذلك احد الأطراف المؤثرة في توازن السوق البترولي.

وأشار إلى أن هذه الزيارة تعد فرصة مواتية لاستعراض تطورات السوق وسيناريوهات العمل لإعادة الاستقرار للأسواق البترولية من خلال التعاون بين دول "أوبك" والدول خارجها وعلى رأسها روسيا الاتحادية.

ولفت إلى أن العمل المشترك بين دول المجلس يتجاوز الاهتمام بمتغيرات السوق على المديين القصير والمتوسط، ويركز على مواجهة التحديات والتغيرات الكبرى التي تواجهها على المدى البعيد في مجال الطاقة والمناخ والتجارة الدولية.

وشدد على أن العمل المشترك يتطلب التعامل مع هذه الموضوعات بشكل شمولي يأخذ في الاعتبار التأثيرات على المدى البعيد، واقتناص الفرص المتاحة، والاستفادة القصوى من القدرات، للتفاوض ككتلة اقتصادية مؤثرة مع الدول والتكتلات الاقتصادية الكبرى.

وأشار الوزير السعودي في مجال الطاقة إلى ما تتمتع به دول مجلس التعاون كمصدر موثوق لإمدادات البترول والغاز والاستثمارات فيها، بالرغم من بعض التوجهات العالمية المنحازة ضد هذه المصادر الموثوقة في الطاقة لحساب التوسع في مصادر الطاقة البديلة وغير التقليدية، لإنعاش الصناعات ذات العلاقة في هذه الدول، الأمر الذي سيؤثر سلبا على التجارة العالمية في قطاعي البترول والغاز ومنتجاتهما.

وفي مضمار التغير المناخي أوضح أن المستجدات المتسارعة حول دخول اتفاقية باريس حيز التنفيذ في اقل من عام تحت مظلة الاتفاقية الاطارية للتغير المناخي، وبروتوكول "كيوتو" تحتّم على دول المجلس أن تكون أطرافا فاعلة في تلك الاتفاقية، ليكون عملها وصوتها موحدين في تنسيق ورسم الخطط والسياسات والتوجهات ضمن منهج شامل لجميع الحيثيات، التي من شأنها التقليل من الآثار السلبية على اقتصاديات دول المجلس.

مطلب ضروري

ودعا إلى العمل على اقتناع المجتمع الدولي باستخدام تقنيات الطاقة النظيفة بما فيها البترولية كمطلب ضروري لآليات الاستجابة وتنفيذ بنود الاتفاقية، خصوصا في مجال كفاءة استهلاك الطاقة والطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، واستخلاص الكربون وتخزينه والاستفادة منه، ودعم الشراكات الدولية التي تتبنى هذا التوجه.

كما دعا إلى التنسيق بين دول مجلس التعاون، لكون اقتصاداتها تتشابه وذات طابع خاص، وبالذات في مجالات الطاقة وقضاياها وبيئتها الصحراوية، للمحافظة على مصالحها بالتفاوض كتجمع اقتصادي واحد.

وتطرق وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي في كلمته أيضا إلى رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لتعزيز العمل الخليجي المشترك على كل المستويات، مبينا أن الرؤية تهدف إلى تعزيز المكانة الدولية لمجلس التعاون ودوره في القضايا الإقليمية والدولية، وانجاز الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية، التي تعود بالنفع على مواطني دول المجلس وعلى المنطقة.

من جانبه، قال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوڤاك، إن "العلاقات مع السعودية تتخذ خطوات جديدة للتعاون وإقامة مشاريع مشتركة في الطاقة والغاز، إضافة إلى التنسيق مع دول الخليج بخصوص الاجتماع المزمع في 30 نوفمبر".

وأكد تأييد بلاده للإجراءات التي يتم اتخاذها لإعادة توازن السوق البترولي الدولي، لافتا إلى أن الوضع الحالي للسوق في تحسن لكنه بوتيرة بطيئة تتطلب التعجيل بإجراءات لإنعاش أسعار النفط، مشددا على ضرورة استقرار السوق البترولي لدعم الاستثمارات النفطية.

بدوره، قال وزير الطاقة القطري محمد السادة، إن "اجتماع لجنة التعاون البترولي بدول مجلس التعاون حقق تفاهمات على قدر كبير في قضايا النفط والطاقة، خصوصا ان دول المجلس تتحمل مسؤولية تجاه الاستهلاك العالمي والإمدادات بالنفط والغاز".

وأكد السادة أن دول الخليج تراعي مصالح الدول المستهلكة والدول المنتجة، مشيرا إلى أن الاجتماع المشترك مع وزير الطاقة الروسي اتفق على الحاجة إلى ضرورة تضافر الجهود لإجراءات تعيد التوازن للسوق البترولي الدولي في اقرب فرصة ممكنة.

وأشار إلى أن منظمة أوبك تسعى إلى وضع خريطة طريق لتحقيق تفاهمات بين الدول الأعضاء في المنظمة والدول خارج المنظمة، مؤكداً تقارب الرؤى بين هذه الأطراف، وكذلك بين دول الخليج وروسيا بالحاجة، لإجراءات لتعجيل انتعاش السوق البترولية الدولية.

يذكر أن الاجتماع يناقش عددا من التوصيات المرفوعة من لجنة الوكلاء لوزارات البترول، التي عقدت اجتماعها التحضيري الـ16 في التاسع من اكتوبر الجاري، إضافة إلى عدة تقارير، منها متابعة تقرير رئيس مجموعة العمل لدول المجلس المكلفة دراسة وتطورات اجتماعات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، واستعراض اجتماعات فريق مجلس التعاون لشؤون الطاقة في منظمة التجارة العالمية، واتفاقيات التجارة الحرة.

كما يناقش مذكرة حول أعمال لجنة المختصين بالإعلام البترولي، وإنجازات لجنة مسؤولي الثروة المعدنية ولجنة الطوارئ الإقليمية للمنتجات البترولية، ومذكرة حول مجالات التعاون بين دول المجلس في مجال الطاقة المتجددة.

إمدادات بترولية
أكد الأمين العام لمجلس التعاون د. عبداللطيف الزياني، أن «الموارد البترولية الوفيرة لدول المجلس أسهمت في نهضتها وعززت من مكانتها العالمية، وفرضت عليها مسؤوليات وأعباء تجاه المحافظة على استقرار أسواق البترول العالمية، والمساهمة في دعم نمو الاقتصاد العالمي وازدهاره من خلال ضمان أمن الإمدادات البترولية واستمراريتها في الظروف العادية والاستثنائية التي قد تتعرض لها الأسواق الخليجية، نتيجة العديد من العوامل السياسية والاقتصادية».

وأشار الى الجهود الكبيرة التي تبذلها دول المجلس لتعزيز علاقاتها في مجال الطاقة مع الدول المنتجة الأخرى والدول المستهلكة، بهدف الوصول بشكل جماعي الى التكامل العالمي المنشود، لضمان نمو الاقتصاد العالمي وازدهاره، وتحقيق التنمية المستدامة لجميع دول العالم.