مواجهة التحديات... كيف؟
في حال استمرار الوضع السياسي القائم دون إصلاح سياسي-ديمقراطي جذري ينتج عنه منظومة سياسية متطورة لا أجهزة صورية، ومؤسسات شكلية توجهها الحكومة كيفما تشاء، وتتخلى عنها بجرة قلم متى ما أرادت، فإن مواجهتنا للتحديات الكبيرة القادمة سواء على مستوى الإقليم أو على المستوى التنموي ستكون ضعيفة إن لم تكن معدومة.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
هذا ناهيك عن اختلال العدالة الاجتماعية التي ستزيدها اختلالاً السياسات الاقتصادية المنحازة التي وردت في "الوثيقة الاقتصادية" للحكومة، وأيضاً تقييد الحريات، وتفتيت النسيج الاجتماعي الوطني، بحيث تراجع دور الدولة وعادت بقوة، وبكل أسف، أشكال اجتماعية تقليدية كانت سائدة قبل تشكّل الدولة الحديثة، فأصبح الناس وبالذات جيل الشباب في الجامعات وفي المدارس يفتخرون، وذلك نتيجة لاهتزاز ثقتهم بالقانون ومؤسسات الدولة، بهوياتهم الثانوية القبلية والطائفية والعائلية، ويلجؤون إليها من أجل الحصول على حقوقهم الدستورية بدلاً من التمسك بالهوية الوطنية الجامعة والاعتزاز بها، ثم الالتجاء للقانون ومؤسسات الدولة الحديثة للحصول على حقوقهم، أضف إلى ذلك تهميش دور المؤسسة التشريعية بحيث تحولت بعد الانفراد بتعديل النظام الانتخابي إلى مجرد جهاز شكلي يبصم على ما تُقدمه له الحكومة من مشاريع قوانين، مثلما رأينا خلال السنوات الثلاث الماضية. مرة أخرى، فإنه في حال استمرار الوضع السياسي القائم على ما هو عليه، أي من دون إصلاح سياسي-ديمقراطي جذري ينتج عنه منظومة سياسية متطورة لا أجهزة صورية، ومؤسسات شكلية توجهها الحكومة كيفما تشاء، وتتخلى عنها بجرة قلم متى ما أرادت، فإن مواجهتنا للتحديات الكبيرة القادمة سواء على مستوى الإقليم أو على المستوى التنموي ستكون ضعيفة إن لم تكن معدومة، مع الأخذ في عين الاعتبار أن الكلام الإنشائي المُرسل الذي تردده الحكومة دائماً حول مواجهة التحديات يختلف اختلافاً كلياً عن السياسات والقرارات العامة التي تتخذها، ويلمسها الناس على أرض الواقع.