«هجوم ترامب المفاجئ» لن يقضي على «داعش»
![واشنطن بوست](https://www.aljarida.com/uploads/authors/862_1719164326.jpg)
يُعتبر السبب الرئيس وراء قيام "داعش" في العراق وسورية سياسياً: استياء السُّنة في المنطقة من خضوعهم لحكمَين مناهضَين للسُّنة في بغداد ودمشق. يعود هذا في جزء منه إلى امتعاض شعب يعتقد أن السلطة يجب أن تكون بيده، ويشكّل في جزئه الآخر ردّ فعل تجاه الظلم الفعلي. في مطلق الأحوال لن تستمر هزيمة "داعش"، إن لم يُعالج هذا الاستياء.عندما سقطت الموصل، حض خبراء كثر، بعضهم من إدارة أوباما، واشنطن على الإسراع إلى مساعدة الحكومة العراقية، لكن الرئيس أوباما رفض هذه الدعوات لأنه أدرك أن المشكلة الكامنة طائفية، لذلك أصر على أن تبدّل الحكومة العراقية جذرياً موقفها من السُّنة، حتى إنه طالب باستقالة المالكي، ولم تقبل الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري لحكومة بغداد إلا بعد تحقق هذا المطلب واستلام زعيم جديد توافقي زمام السلطة.يرغب كل بلد في جني المكاسب بدون بذل أي عناء، ولا شك أن معظم الحكومات تفرح إن خاضت الولايات المتحدة معاركها نيابة عنها بدون تكبدها أي عناء، ويُعتبر هذا المرض متفشياً خصوصاً في العالم العربي. فقد عُقدت الائتلافات لخوض الحرب في سورية إلا أنها (مع بعض الاستثناءات) سرعان ما أخفقت، ملقيةً بالحمل الثقيل على كاهل الولايات المتحدة. يعتبر البعض أن الحل يكمن في التنديد علناً بالحلفاء وانتقادهم، لكن هذا الحل لم ينجح في الماضي ولن ينجح في المستقبل على الأرجح. تقوم الاستراتيجية الفاعلة الوحيدة، على ما يبدو، على أن تعلن واشنطن أنها لن تتحمل أعباء هذا التخاذل وأن تكون جادة في موقفها هذا، فلم يستقل المالكي إلا بعد أن اتضح أن إدارة أوباما لن تساعد فعلاً العراق ما لم تبدّل الحكومة العراقية مسارها.وصف أحد المسؤولين في إدارة أوباما ذات مرة استراتيجية حمل الآخرين على التحرك هذه بـ"القيادة من الخلف". صحيح أن هذه العبارة تبدو سلبية، إلا أن الفكرة التي تحملها صائبة تماماً، ففي هذه الحالة يستطيع العرب وحدهم معالجة التفاعلات الطائفية بالمشاركة في عملية مصالحة وتشاطر سلطة حقيقية. صحيح أن الولايات المتحدة تستطيع دعم هذه العملية، إلا أنها لن تنجح إلا إذا رغبت هذه الدول وقادتها حقاً في مساعدة أنفسهم.