من القوانين التي يتعين على مجلس الأمة المقبل تعديلها قانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 ، بعدما أثبت الواقع العملي عدم ملاءمته للعديد من القضايا التي يكشفها الواقع العملي. وإيجاد قانون جديد للانتخاب رغم أهميته لابد أن ينص على أن يسند للقضاء وحده أمر الرقابة على العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، وذلك حفاظاً على سلامتها، وسلامة القيود والجداول، وحصر هذا الملف بالسلطة القضائية، عبر إنشاء لجنة عليا للإشراف على الانتخابات.
المنظومة التشريعية، التي أصدرها المشرع المصري في القانونين 45 و46 لسنة 2014 ، لا تستحق الإشادة بها من حيث تناولها جميع التفاصيل المتصلة بالعملية الانتخابية فحسب، بل من حيث تطبيقها بنجاح على أول انتخابات تشريعية تم إجراؤها لانتخاب مجلس النواب المصري، بعد تسميته الجديدة هذه، كما قرر ذلك دستور مصر الأخير.ورغم حداثة التجربة المصرية بعد التشريعات الأخيرة، فإنها تعطي مثالاً جيداً لتولي القضاء، ممثلاً باللجنة العليا للانتخابات، الإشراف الكامل على التسجيل والقيد بالجداول الانتخابية، والفصل في الاعتراضات والطعون التي تقام على تلك الجداول، بل إن قانون مباشرة الحقوق السياسية واللجنة العليا للانتخابات رقم 45 لسنة 2014 يقرر فتح باب التسجيل في الجداول الانتخابية على مدار السنة، فضلاً عن دعوة اللجنة لعملية الانتخاب، ورقابتها على حملات المرشحين، والتزامهم بضوابط العملية الانتخابية، وتلقي طلبات الترشيح ورفض من لا تتوافر بحقهم الشروط، ولمن تضرر الطعن عليها أمام قضاء مجلس الدولة، وفي حال تم إعلان النتائج يجوز للمرشحين التظلم من سلامة النتائج خلال 48 ساعة من ظهورها، وفي حال عـــــــدم التظلم منها لا يجوز لهم الطعن عليها بعد الانتخابات. وبشأن الطعن على نتائج الانتخابات، يسند القانون رقم 46 لسنة 2014 لمحكمة النقض وحدها نظر الطعون الانتخابية على عضوية من تم إعلان فوزهم، أو بطلان عضوية أي من الفائزين لعدم توافر شرط من شروط العضوية بحقه. في الكويت لا نريد أن نقتبس التجربة المصرية، ولا حتى تجارب الدول التي أسندت للقضاء أمر الرقابة والإشراف على العملية الانتخابية وإبعاد يد السلطة التنفيذية عن جميع مراحل العملية الانتخابية، بل نحتاج إلى إعادة النظر في قانون الانتخاب ومراجعة نصوصه التي لم تعد اليوم كافية لمواجهة العديد من القضايا التي تؤثر في العملية الانتخابية. ورغم المحاولة التي أقدم عليها المشرع الكويتي عام 2012 بإنشاء اللجنة العليا للانتخابات، التي لم تستمر سوى ستة أشهر بسبب صدور حكم من المحكمة الدستورية في يونيو 2013 بعدم دستورية مرسوم إنشائها، وهو الأمر الذي أدى إلى إعادة العمل بقانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 مرة أخرى، فإن تجربة اللجنة الوطنية العليا للانتخابات على جزء من تنظيم العملية الانتخابية تبدأ من بعد إعلان الدعوة للانتخابات النيابية، إلا أنها تجربة تمهد إلى إمكانية إسناد ملف الرقابة الكاملة على العملية الانتخابية وتحقيق النزاهة بجميع مراحلها إلى القضاء.
مقالات
مرافعة : إشراف قضائي كامل على الانتخابات
25-10-2016