في محاولة قد تبدو مثمرة بحسب كثير من المراقبين، لسد عجز الموازنة العامة للدولة، بدا أن الحكومة المصرية جادة في الاستفادة من أموال ما يسمى بـ«الصناديق الخاصة» – نحو 700 صندوق في الوزارات والهيئات العامة تحصل فيها قيمة الخدمات والدمغات والغرامات المالية وتصل إيراداتها نحو 400 مليار جنيه – والتي لا تدخل خزانة الدولة، ولا علاقة للموازنة العامة بها، ولا يناقشها البرلمان، لكنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.وأعلنت الحكومة المصرية، التي تواجه أزمة اقتصادية حادة خلال هذه الأيام، نيتها ضم «الصناديق الخاصة» للموازنة العامة للدولة، في حين كانت الإرهاصات الأولى لإنشاء فكرة الصناديق الخاصة، عقب نكسة 1967، لكن البداية الرسمية لإنشائها كانت في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات من خلال القانون رقم (53) لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة، الذي أباح إنشاء «صناديق خاصة» و«وحدات ذات طابع خاص»، لتشيع وتنتشر إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
بدوره، شن مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية عبدالخالق فاروق، هجوماً على الصناديق الخاصة، واصفاً إياها في تصريحات لـ«الجريدة» بـ«الشاذة» وغير الموجودة في أي نظام مالي في العالم.واعتبر فاروق أنها «تحجز جزءا من الإيرادات العامة، كان من المفترض دخوله الخزانة العامة للدولة»، موضحا أن «حجم مصروفات الصناديق والحسابات الخاصة تقدر بنحو 300 مليار جنيه، والفوائض المالية نحو 100 مليار جنيه».وقال الخبير الاقتصادي رائد سلامة لـ«الجريدة» أمس، إن «الصناديق والحسابات الخاصة من الممكن أن تحقق طفرة في الموازنة، لكن الدولة لا تعرف الحجم الحقيقي لأموالها»، معتبراً ضمها للموازنة بمثابة الاقتراب من «عش الدبابير»، في حين قال الخبير الاقتصادي، إلهامي الميرغني، إن استمرار عدم الرقابة على الصناديق الخاصة «مخالفة دستورية».على النقيض، أوضحت أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، سالي فريد، أن الصناديق الخاصة وضعت تحت إشراف وزارة المالية، منذ عام 2007، وتم دمج العديد من تلك الصناديق للوزارة، لافتة إلى أن أموال الصناديق الخاصة لا تمثل مبالغ كافية لحل أزمة عجز الموازنة.في المقابل، قالت أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس يمن الحماقي إن «ضم الصناديق الخاصة لخزانة الدولة قد يسد خانة، لكنه لا يساهم في سد عجز الميزانية، الذي يزيد على 320 ملياراً».وبين رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار محسن عادل لـ«الجريدة» عن التحديات التي تعوق ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة، أن عدداً كبيراً منها يمثل كيانات اقتصادية، مثل مشروعات رصف الطرق التابعة لصناديق تحسين الخدمة في المحافظات، كما أن بعضها قائم على منح وتمويلات يتم الحصول عليها من خلال اتفاقيات دولية، لذلك لا يمكن إلغاؤها أو ضمها إلى وزارة المالية.
دوليات
عين الحكومة على مليارات «الصناديق الخاصة»
25-10-2016