هل على الذين قاطعوا انتخابات ٢٠١٣ أن يعتذروا، كما يثار؟. بالطبع المطالبة بالاعتذار تحولت إلى وسيلة ضغط انتخابية، وقد تكون محرجة بالنسبة للمرشحين المقاطعين، وبالذات منهم من اتخذ مواقف حادة.في تاريخنا السياسي، وبالإضافة إلى عودة المقاطعين للمشاركة، هناك حادثتان تستحقان التذكير بهما.
في صيف ١٩٧٠ ألقى ولي العهد رئيس الوزراء حينذاك الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، خطاباً شهيراً، دعا فيه المنسحبين من الحياة العامة، بسبب تزوير انتخابات ١٩٦٧، إلى العودة للمشاركة، على أساس عدم تكرار ما حدث. وما إن تمت الدعوة لانتخابات ١٩٧١ حتى انقسمت المعارضة إلى قسمين رئيسيين، الأول مقاطعة إن لم تتحقق شروطه، والثاني يشارك من باب إعطاء فرصة.وللمفارقة، كان الفريق الذي شارك في الانتخابات هو الفصيل الأكثر يسارية، وبعداً عن السلطة، وكان يفترض أن يقاطع، وفي المقابل كان الفريق الذي قاطع هو التجمع الوطني مع كتلة التجار.انعقدت انتخابات ١٩٧١ بذاك الوضع المنقسم، وتعرض المشاركون لهجوم حاد، وفازوا بأربعة مقاعد. كان مجلس ١٩٧١ نموذجاً يحتذى في الإنجاز، والعلاقة التبادلية بين المعارضة والحكومة. فما إن صاح نفير انتخابات ١٩٧٥ حتى شارك المقاطعون، وبدأوا تنظيم صفوفهم، مما لم تتحمله الحكومة فقامت بحل المجلس في صيف ١٩٧٦ وتعليق الدستور.دعت الحكومة إلى انتخابات جديدة سنة ١٩٨١، لكن بعد تعديل الدوائر الانتخابية من ١٠ إلى ٢٥ دائرة. كان تغيير الدوائر هو ذات السلوك الذي تم مع الصوت الواحد، أي خارج القنوات الدستورية للتشريع. وجرى نقاش بين أركان المعارضة، هل نخوض الانتخابات أم نقاطع؟ فكان القرار الجماعي هو المشاركة. وتم التصويت على قبول القانون الجديد في مجلس ١٩٨١ للدوائر الانتخابية.الآن يتكرر المشهد وإن بتفاصيل مختلفة عن ١٩٧٥ و١٩٨١، لكن المبدأ واحد.أما بالنسبة للعائدين من المقاطعة فليس هناك فرق بين أن يعتذروا أو لا، ويبقى الاعتذار أو عدمه أو الاستقالة وتبريرها مجرد أغطية سياسية لمواقف ذات علاقة بانتخابات لن تصلح من اختلال الوضع الديمقراطي.فالسياسة تقدير موقف، وليس مطلوباً منهم، كدفاع عن أنفسهم، السباحة في ملكوت الوهم بأنهم سيحققون ما لم يتحقق، أو أنهم جاءوا وعادوا استجابة لنداء الوطن، فعودتهم ليست إلا اقتناعاً بأنهم لن يكون لهم دور سياسي إلا داخل البرلمان، وهي نقطة الضعف في النظام السياسي الكويتي. المطلوب بدلاً من الاعتذار الإقرار بأن نظامنا السياسي محدود، وأحياناً يكون محدوداً جداً. وعلى الرغم مما يبدو فيه من إمكانات، فهو نظام وراثي، محكوم دستورياً، الإصلاح فيه بطيء، وأحياناً بطيء جداً، والأهم من ذلك أن موازين القوى محسومة، وهي بيد السلطة. فمن يريد المشاركة عليه أن يدرك ذلك، وفي ذلك الإطار يتحرك، وبالطبع من المتوقع أن تحدث قفزات إصلاحية هنا وهناك، لكنها لن تحدث بشكل جذري يعيد بناء ميزان القوى، على الأقل ليس على المدى المنظور. هكذا هي وهكذا ستكون، ولكم الخيار، على الأقل بإمكانكم الاختيار.
أخر كلام
قاطعوا ثم شاركوا... فهل يعتذرون؟
26-10-2016