الحريري والخطوة المفاجئة!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
كل شيء جائز في لبنان، فصديق اليوم يصبح عدواً في الغد، والعدو يصبح صديقاً، حسب المصالح السياسية، فالخريطة السياسية في هذا البلد الجميل متغيرة باستمرار، ولذلك فإنه أمر عادي أن يفاجئ سمير جعجع حلفاءه في "الرابع عشر من آذار"، وأن ينتقل في ليلة "ما فيها ضوء قمر" من خندق إلى خندق آخر، وأن ينحاز إلى ميشال عون ويقدمه ضد سليمان فرنجية مرشحاً لرئاسة الجمهورية. ولذلك فإنه يجب ألا يكون مستغرباً أن يفاجئ سعد الحريري، الذي اضطرته الاستحقاقات السياسية أن يذهب إلى دمشق بينما لم تكن دماء والده رفيق الحريري قد جفت بعد، حتى رفاقه في تجمع "المستقبل"، ويعلن أنه "عفا الله عما مضى"، ويرشح أكبر عدو له ولتحالفه ميشال عون، حبيب حزب الله وحسن نصرالله، لانتخابات الرئاسة اللبنانية... وأغلب الظن أنه سيفوز في هذه الانتخابات! إن دافع سعد الحريري إلى هذا الانتقال المفاجئ هو منع لبنان من الانهيار التام، وهو تدارك أوضاع "السنة" اللبنانيين المرتبكة والمتهاوية، وهو استعادة التحالف السني – الماروني التاريخي، وهو الابتعاد ببلد الأرز عن هذه الأزمة السورية التي يبدو أن مستقبلها أسوأ كثيراً من حاضرها وماضيها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك من وصف الإقدام على هذه الخطوة بأنه يشبه الانتحار بالقفز من الطابق الثاني، بينما الامتناع عنها يشبه الانتحار بالقفز من الطابق العاشر. وحقيقة أن هذه القفزة تعد مغامرة خطيرة بكل معنى الكلمة، حيث إن أغلب الظن أنها قد تكون إحدى ألاعيب هذا النظام السوري، الذي من المعروف أنه يتعامل مع لبنان على أساس أنه حديقة سورية الخلفية، لإنهاء بقية ما تبقى من الظاهرة الحريرية، وربما أيضاً للتخلص من ميشال عون لمصلحة سليمان فرنجية.