مع صدور مرسوم حل مجلس الأمة، والدعوة لانتخاب أعضاء جُدد، تبارى المقاطعون، من النواب السابقين وغيرهم، لاسيما المحسوبين على التيار الاسلامي بجناحيه (السلف والاخوان)، لإعلان رغبتهم في خوض غمار السباق الانتخابي.غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ينعكس وصول ما يعرف بنواب «المعارضة» إلى سدة البرلمان بالايجاب على أداء المجلس، أم يزيد حالة الاحتقان والتوتر داخله، والتي قد تفضي إلى صدور مرسوم أميري بحلّه غير مستكمل مدته الدستورية؟
يقول النائب السابق، عبدالله النيباري، انه «من المبكر الحكم على الرؤى السياسية للمرشحين الآن، والتي ستظهر جلية وواضحة عقب وصولهم إلى قاعة عبدالله السالم»، لكن «المعارضة التقليدية التي شاهدناها في مجالس أمة أعوام (1971، 1975، 1985) لا أعتقد أن نراها في المجلس المقبل»، معللا ذلك بأن «كتلة المعارضة، التي أعلنت مشاركتها في الانتخابات القادمة، سواء من السلف أو الاخوان، شارك من يمثل تيارهما في معظم الحكومات السابقة، لذا لا أعتقد وجود معارضة مزعجة للحكومة».ويضيف النيباري: «نحن لا ندعي احتكار المعارضة، بل نتمنى ايجاد معارضة حقة تراعي مصالح الوطن والمواطن».وحول مدى التناغم بين نواب المجلس المقبل، مع دخول «المعارضين»، يقول النيباري، إن «هذا المجلس يعاد انتخابه وفق قانون الصوت الواحد، الذي قسم المقسم وفتت المفتت، وقسم كل مكون قبلي أو عائلي أو طائفي»، ويضيف: «في السابق كنا نشاهد تحالفات بين القبائل الاقل عددا مع نظيراتها الأكثر عددا، للحصول على مقعد داخل البرلمان، أما الآن فهناك انقسامات داخل فرع القبيلة الواحدة، في ظل انخفاض عدد الأصوات التي يحتاجها المرشح للوصول إلى المجلس».ويرى النيباري، أن «الصوت الواحد لن يتيح ايجاد مجلس أمة فاعل متناغم، يُلبي طموحات وآمال وتطلعات الوطن والمواطن، في ظل عودة الرشى الانتخابية سواء المباشرة أو المقنعة».أما الناطق الرسمي للحركة السلفية، فهيد الهيلم، فيرى أن «وصول المقاطعين إلى سدة البرلمان يحقق التوازن المنشود»، غير أنه «تمنى على الحكومة الصدق في الوعود التي اطلقتها حول شفافية ونزاهة الانتخابات، بعدم شطب أي مرشح من العائدين، تحت أي ذريعة كانت، حتى تصدق نواياها في بلوغ الاصلاح».وحول الحديث عن عدم استكمال المدة الدستورية للمجلس المقبل، وأنه سيكون عرضة للحل، يقول الهيلم: «تبقى كل هذه الاحاديث تحليلات في علم الغيب، قد تصيب أو تخيب، غير أن القضايا الساخنة التي سيناقشها المجلس المقبل، قد تعجل عرضه للحل المبكر دون استكمال مدته الدستورية».ويضيف الهيلم: «نحن نريده مجلس تحديات، والحكومة تريده مجلس تعديات، واذا نجح الناخبون في ايصال فرسان إلى قاعة عبدالله السالم، يكونون على قدر التحدي والمسؤولية والمجابهة وحمل الامانة على عاتقهم سيُحل المجلس، أما في حال فشل الناخبون في ذلك، ووصل نواب طيعون مُدجنون، فسيكمل المجلس مدته الدستورية، مستكملة معه الحكومة مسلسل التعدي على النظام الدستوري».
تخوف من التأزيم
وعلى صعيد عودة المقاطعين إلى العمل البرلماني، قال الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي، بشار الصايغ: إنه «لا شك أن عودة المقاطعين سيكون لها أثر ايجابي على العمل التشريعي»، غير أنه عاد وأكد أن «التقييم أيضا يرتبط بما سيقدمونه من اقتراحات قوانين، ومستوى الرقابة البرلمانية على الاداء الحكومي».ويضيف الصايغ أن «هناك تخوفا لدى الشارع من عودة التأزيم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لا سيما عقب مضي ثلاث سنوات من الهدوء النسبي بين السلطتين خلال المجلس المنحل».ويقول الصايغ إن «الشارع رأى أن التهاون من قبل المجلس في العديد من الامور كان له أثر سلبي، متلمسا ذلك في ما يتعلق بالهدر الحكومي، لا سيما العلاج السياحي وحجم المخالفات، وعدم تحرك المجلس المنحل في هذا الاتجاه، رغم الاستجواب المقدم في هذا الصدد من النائب السابق راكان النصف إلى وزير الصحة».وجدد، الصايع، ترحيبه بعودة المقاطعين، واعلانهم الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، مضيفا: كانت لدينا تجربة سابقة في مقاطعة المجلس المبطل الثاني عقب تعديل قانون الانتخاب إلى الصوت الواحد، غير أن حكم المحكمة الدستورية بسلامة مرسوم التعديل أنهى الشبهة الدستورية، لكن الخلاف السياسي لا يزال قائما بالنسبة لنا.وعن حالة الاحتقان والتوتر التي قد تصاحب دخول المقاطعين المجلس المقبل، والتي قد تسبب حلّه، أجاب الصايغ: هذا أمر سابق لأوانه، وعقب الانتخابات واختيار اعضاء المجلس المقبل ستتضح الامور اكثر.