ما بعد الحل وقبل الاختيار
«الكويت تستحق الأفضل» شعار يردد مع كل انتخابات، مع أن تطبيقه بيد الناخب كونه المسؤول الأول عن حسن الاختيار، وهذا الأمر لن يتحقق بالشعارات الورقية ولا الكلام، ولأجل ذلك لا بد من خلق رأي عام يسمح بإيصال الكفاءات المشهود لها بنظافة اليد ورجاحة العقل إلى قبة عبدالله السالم، بعيداً عن التكتلات الحزبية والقبلية.
سأتجاوز عن مبررات الحل، وعن الأداء الحكومي والبرلماني خلال الفترة السابقة بما له من إيجابيات وعليه من سلبيات، وكذلك عن علاقة المجلس والحكومة التي وصفت بأنها "سمن على عسل"، وسأدخل في صلب الموضوع وإلى الناخب الكويتي الذي ما انفك عن انتقاد المجلس مقارنةً بالمجالس السابقة.هذا الاستياء من الأداء النيابي يتطلب وعيا وإدراكا من الناخب من خلال تغيير بوصلة الاختيار التقليدية التي لم تتغير منذ بدء الحياة البرلمانية في الكويت، وظلت كما هي تعتمد على النظم الاجتماعية والقبلية والمذهبية، وما نشاهده هذه الأيام إلا استمرار للنهج نفسه، فما يريده الوطن يصطدم على صخرة الناخب نفسه."الكويت تستحق الأفضل" شعار يردد مع كل انتخابات، مع أن تطبيقه بيد الناخب كونه المسؤول الأول عن حسن الاختيار، وهذا الأمر لن يتحقق بالشعارات الورقية ولا الكلام، ولأجل ذلك لا بد من خلق رأي عام يسمح بإيصال الكفاءات المشهود لها بنظافة اليد ورجاحة العقل إلى قبة عبدالله السالم، بعيداً عن التكتلات الحزبية والقبلية.
في كل مرة وقبل الانتخابات نمني النفس بمجلس أقوى من الذي قبله، لكن الواقع يثبت أنه في كل مرة يأتي الناخب بمجلس أسوأ من سابقه، والسبب يعود له ولطريقته في الاختيار التي لم يستطع تطوير أدواتها عبر تقديم مصلحة الوطنية على المصالح الشخصية الضيقة. قد يرجع البعض صعوبة التغيير إلى مرسوم الصوت الواحد وإلى خصوصية الدستور الكويتي التي جمعت بين النظام الرئاسي والبرلماني، مخالفاً بذلك كل الأنظمة البرلمانية التي تتمكن من تشكيل الحكومة وفق نظام الأغلبية، إلا أنه وبالرغم من ذلك العيب التشريعي أعطى صلاحيات واسعة للنائب في المحاسبة من خلال تمكينه استخدام حقة الدستوري منفرداً، بما في ذلك استجواب رئيس الوزراء والوزراء، ولأجل ذلك تأتي أهمية حسن اختيار النواب من منطلق وطني إصلاحي. بما أن الحديث جاء على المصالح الضيقة التي تتحكم في توجيه اختيارات الناخب لاعتبارات قبلية وعائلية ومذهبية وحزبية ومادية ثم خدماتية، تتمثل بتخليص المعاملات والواسطة التي ساهمت في سوء الاختيار وانحراف العمل النيابي عن الأهداف التي جاء عليها الدستور الكويتي، فإننا شاهدنا خلال هذه الأيام سباقا محموما بين القبائل لاختيار ممثليها في المجلس القادم دون اعتبار للقانون الذي يجرم الانتخابات الفرعية بكل صورها، كما أن تلك الفرعيات أخذت فن الابتكار المضحك من خلال إطلاق مسميات من مسابقات رياضية ومزايين!!اللافت أيضاً عودة غالبية المقاطعين لمرسوم الصوت الواحد من المشاركين في مسيرات "كرامة وطن" بحجة الرضوخ لمطالبات القواعد الانتخابية، مع أن مشاركتهم جاءت إما بقرار فردي أو باجتماع مغلق، ومع هذا أليس من الواجب قبل العودة الاعتذار للكويت وشبابها الذين دفعوا سنوات من عمرهم في السجون لأجل شعاراتهم؟ رأيي الشخصي أن المجلس القادم قد يتغير بنسبة كبيرة لا تقل عن 60% مع عودة بعض الوجوه القديمة إلا أن السلوك النيابي لن يتغير بسبب الناخب الذي لم يغير من نهجه في الاختيار.ودمتم سالمين.