في خطوة تحمل دلالات كبيرة، زار الأمين العام للتحالف الوطني في العراق، الذي يضم كل الأحزاب الشيعية الأساسية، عمار الحكيم، أربيل، برفقة وفد شيعي، وذلك غداة زيارة لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وأيضاً للقيادي في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" برهم صالح رئيس حكومة كردستان السابق، الذي شغل أيضا منصب نائب رئيس الحكومة في عهدي أياد علاوي ونوري المالكي.وتأتي زيارة الحكيم الى إقليم كردستان العراق في وقت يخوض الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية معارك مشتركة في إطار تحرير الموصل، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها الطرفان معركة بهذا الحجم، وهما على هذا المستوى العالي من التنسيق.
وتفقد الحكيم ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني بحضور قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب اللواء الركن عبدالغني الأسدي محور الخازر شمال شرق الموصل. وعقد مؤتمر صحافي مشترك، أكد خلاله الحكيم، الذي يتزعم أيضا المجلس الإسلامي العراقي الأعلى، أن "داعش لم يولد نتيجة إشكالية أمنية بحتة، والقضاء عليه لا يتم بمعالجة أمنية وعسكرية فقط، بل نحتاج الى سلة واحدة، ومجموعة من الحلول والمعالجات في مقدمها المعالجة الأمنية، الى جانب المعالجات السياسية والاقتصادية والتربوية".وكشف الحكيم أن "التحالف الوطني بوصفنا الشريك الأكبر، نقوم بدراسة وثيقة مهمة للتسوية الوطنية، نحن الآن في مراحلها النهائية، وسنقدمها للشعب العراقي والشركاء، بالتزامن مع تحرير الموصل لتعبر عن مرحلة جديدة ومدخلا لتعزيز الشراكة".وشدد الحكيم على أن "التعاون العسكري بين بغداد وأربيل سينعكس على كل الملفات العالقة"، لافتا الى أن "الجيش العراقي والبيشمركة يقاتلون جنبا الى جنب لأول مرة في تاريخ العراق".وفي إشارة الى الوجود التركي العسكري في شمال العراق، وفي ظل الحديث عن ضغوط أميركية على بغداد، قال الحكيم إن "العراق لن يتلقى التعليمات من أي بلد حول من يشارك بمعركة الموصل، لأننا لسنا بحاجة الى قوات برية أجنبية"، مضيفاً أن "التحالف الدولي يضم 63 دولة، ويهمنا اشتراك تركيا ضمن هذا التحالف، ولكن بعد التنسيق مع الحكومة العراقية".أما بارزاني، الذي يتزعم الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، فقد جدد التأكيد على أن "الجيش العراقي، وبالتحديد قوات مكافحة الإرهاب هي التي ستدخل إلى مدينة الموصل، وأن قوات البيشمركة لن تدخل المدينة بعد تحريرها.وعن التنسيق العسكري مع بغداد، ومحاولة البعض تعكير هذا التنسيق، قال بارزاني: "الحسود لا يسود". وبشأن الهجوم المباغت لـ "داعش" في كركوك، قال الزعيم الكردي إن "ما قام داعش كان لتغطية فشله وهزيمته في معركة الموصل، وتمت السيطرة على الموقف بسرعة، وأبيدت القوات الإرهابية المهاجمة".
المالكي يشوش
جاء ذلك غداة هجوم هو الأشرس لرئيس الحكومة السابق، زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، على رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني.وقال المالكي في مقابلة متلفزة بثت مساء أمس الأول إن "إقليم كردستان، وأقصد المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي وليس كل الإقليم، قد أصبح نقطة ارتكاز ومحطة استراتيجية بالنسبة إلى السياسة الأميركية وإلاسرائيلية على خلفية العلاقات الممتدة قديما بين عائلة بارزاني وإسرائيل".وأشار الى أن "العلاقة بين بارزاني وإسرائيل وصلت الى حد أن تقام الفاتحة لشمعون بيريز في الإقليم، وأن يقام معرض لليهود في أربيل، وأن تدخل القناة الإسرائيلية الثانية الى معركة استعادة الموصل، وترافق قوات البيشمركة"، متوقعا أن "تصبح منطقة كردستان فلسطين ثانية".واتهم رئيس الحكومة السابق إقليم كردستان بأنه "استغل انشغال الحكومة والجيش العراقي بالمعارك مع داعش وبدأ يتمدد، وسيطر على كركوك وجزء من الموصل ومناطق نفطية فيها 27 مليار برميل نفط"، مشددا على "ضرورة عودة الإقليم إلى الحدود التي أقرت من قبل مجلس الحكم عندما سقط نظام صدام حسين عام 2003".ورأى المالكي الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لحزب "الدعوة" الإسلامي الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة حيدر العبادي أن "حكومة كردستان لا يحق لها أبدا الطلب من تركيا التدخل عسكريا في معركة الموصل"، مشيرا الى أن "الجيش التركي وصل الى معسكر بعشيقة في الموصل، برغبة وترحيب من قبل الإقليم الذي يشعر أنه جار وصديق للعراق وليس جزءا منه"، معتبرا أن "سياسة الإقليم مخالفة للدستور والقانون والوحدة".في المقابل، رد المتحدث باسم المكتب السياسي للحزب "الديمقراطي الكردستاني"، على رئيس الحكومة السابق معتبرا في بيان أن "المالكي شخص لا يعرف الوفاء، وتناسى الدعم الذي قدمه له الحزب الديمقراطي الكردستاني قبل عام 2003، في المقابل قام بهذا النفاق الذي لا يقل عن الجرائم التي قام بها علي حسن المجيد".وأضاف: "المالكي أظهر عدم وفائه للولايات المتحدة الأميركية، متناسيا أنه كان في يوم من الأيام الولد المدلل لديها، وقد تحدث عن إسرائيل، في الوقت الذي كان يتمنى دائما إشارة منها فقط له".ولفت البيان الى أن "المالكي أسس جيشا كرتونيا لم يستطع مقاومة عناصر داعش لساعتين، وسلم نصف العراق الى داعش بكامل التجهيزات العسكرية"، مضيفا: "يبدو أن المالكي لا يستطيع الآن أن يتحمل التناسق الكبير بين البيشمركة والجيش العراقي والانتصارات التي يحققونها معا ضد الجماعات الإرهابية، ويحررون الأراضي التي قام القادة العسكريون الجبناء التابعون له بتسليمها للدواعش، وأصبح مثل الدب المصاب الذي يصب الجاز على جرحه".وتابع: "المالكي تحدث عن حدود كردستان وقوات البيشمركة، لذلك نؤكد له أن حدود إقليم كردستان ليست تلك الحدود التي يرسمها صدام أو المالكي، حدود كردستان ترسمها قوات البيشمركة في المناطق التي تحررها من مسلحي داعش، وليعرف جيدا أنه سيفشل إذا أراد أن يقف أمام إرادة إقليم كردستان أو أمام قوات البيشمركة أو الحزب الديمقراطي الكردستاني".