خارج السرب: لكل «حالم» حديث
ماذا لو أصبت بجرح نازف وعميق وجاء صديقك نحوك مسرعاً وبدلاً من وضع يده على الجرح لإيقاف النزيف وإنقاذ حياتك أخذ يعدد لك مكونات الدم بالتفصيل، خلايا الدم الحمراء ولمَ أصبحت حمراء؟ وخلايا الدم البيضاء ولماذا هي بيضاء؟ والبلازما ووظائفها والصفائح الدموية "ووين تشتغل؟" وكم يحتاج الإنسان من لترات الدم ليعيش؟ وما الأطعمة التي تحتاج إليها لكي لا تصاب بفقر الدم؟!قد يكون الموقف السابق خيالياً نوعاً ما، فالوضع الطبيعي هو أن يضع الصديق يده على الجرح أولاً ليوقف النزيف بدلاً من استغراقه بمحاضرة الدماء أعلاه، ولكنه بالضبط ما يحدث لنا حالياً مع إخوة المقاطعة، فمنذ ثلاث سنوات ونحن ننزف حقوقاً دستورية، ومكتسبات شعبية، ثلاث سنوات نسحّ دماء وجوهنا سحاً كلما فكرنا في خياراتنا الضعيفة والمتضعضعة بعد تخلينا عن مجلس الأمة، ثلاث سنوات ونحن ننزف زفة محترمة "ونعطى بو لباس" أمام زوير وعوير ونتعرض لهجمة شرسة طالت مرتبتنا بالدستور كأمة مصدر للدستور كما طالت رواتبنا مصدر دخلنا الوحيد، ومع كل هذا النزيف الدامي يأتي لنا إخوة المقاطعة ليحدثونا بإسهاب عن رفض النظام الانتخابي وعن الشكل المفترض للانتخابات وعن التعديلات التي يجب إدخالها على الدستور وعن... وعن... وعن!
يا إخوة المقاطعة، المرحلة الحالية هى مرحلة تخفيف الضرر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط هذه العاصفة المدمرة، أما "كلامكم الرايق" فجميل ولا نختلف معه كمبدأ، ولكنه "تنظير" يحتاج إلى يوم مشمس ووقتها لكل "حالم"... حديث.