يواجه مجلس الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة هدفاً صعباً ازاء معرفة الطريقة المثلى للرد على مشكلة التعافي الاقتصادي غير العادية الى حد كبير، وكما لاحظت رئيسة المجلس جانيت يلين في خطاب لها أخيراً فإن الاحتياطي الفدرالي قد يستعين بشكل ما بالأكاديميين، وفي هذه الحالة ما هي الأسئلة الحيوية التي يتعين على الباحثين الرد عليها؟

لنبدأ بما توصل مجلس الاحتياطي الفدرالي اليه بصورة صحيحة، إذ تكشف الوثائق والمستندات الداخلية التي تعود الى سنة 2009 (وقد غدت علنية في الوقت الراهن) أن صناع السياسة كانوا يستهدفون الى حد كبير اعادة معدلات البطالة الى 5 في المئة بحلول نهاية سنة 2015 (وذلك من حوالي 10 في المئة في نهاية عام 2010). وتوقع مجلس الاحتياطي الفدرالي أن يرتبط هذا الارتفاع البطيء في معدل التضخم من نحو 1 في المئة الى حوالي 1.5 في المئة بحلول نهاية سنة 2015، وذلك قبل عودته الى هدف مجلس الاحتياطي البالغ 2 في المئة عند نقطة ما بعد ذلك.

Ad

وفي ما يتعلق بمعدلات البطالة والتضخم فقد حصل مجلس الاحتياط الفدرالي بشكل أساسي على النتيجة التي كان يتطلع اليها بالنسبة الى التعافي الاقتصادي؛ إذ اقترب معدل البطالة من 5 في المئة في السنة الماضية، كما أن الاجراء المفضل ازاء ضغوط التضخم وصل الى 1.7 في المئة.

وقد فوجئ المجلس بجانبين من التعافي الاقتصادي، الجانب الأول أنه وفر، ويستمر في توفير، كمية أكبر كثيراً من التحفيز النقدي – على شكل معدلات فائدة متدنية وشراء أصول، مما كان يتوقع في سنة 2010، وكما وصف نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي ستان فيشر في خطاب ألقاه أخيراً لا يزال على الاقتصاديين فهم واستيعاب السبب وراء ذلك، ولكن ذلك الغموض لم يمنع المجلس (البنك المركزي) من تحقيق أهدافه المتعلقة بمعدلات البطالة والتضخم.

وتمثل الجانب الثاني في مفاجأة أكثر اثارة للقلق، إذ كان النمو خلال الأعوام الستة أو السبعة الماضية أكثر بطئاً مما توقعه مجلس الاحتياط الفدرالي، ومن المهم أن نشدد على أن النمو البطيء لا يعني بالضرورة أن السياسة النقدية لم تكن ناجحة، وكما قلت من قبل فإن البنك المركزي تمكن من تلبية وتحقيق أهدافه المتعلقة بمعدلات البطالة. ولكن الشيء الغريب كان أن النجاح في تحقيق تلك الأهداف قد ارتبط بمثل هذا النمو البطيء.

وقد سمعت ما لايقل عن ثلاثة توضيحات في هذا الصدد، الأول كان النوع المفضل من قبل معظم الأكاديميين، ويقول إن التغيرات الديموغرافية والتقنية – التي بدأت قبل سنة 2008 التي شهدت الأزمة المالية العالمية – كانت مفاجئة بالنسبة الى مجلس الاحتياط الفدرالي، وكان الاحتمال الآخر – الذي أبرزته جانيت يلين في خطابها – هو أن التعافي الاقتصادي الذي حققه المجلس كان بطيئاً بشكل أفضى الى الحاق الضر بجانب الإمداد والتموين – وعلى سبيل المثال كان معدل البطالة في الأجل الطويل الذي بدد مهارات وحوافز العمال، أما التوضيح الثالث وهو الأكثر شعبية بين المشاركين في الأسواق المالية فهو أن سياسة مجلس الاحتياطي الفدرالي المتعلقة بتيسير المال قد أعاقت النمو من خلال تشجيع الناس على القيام باستثمارات سيئة وغير مجدية.

وأنا شخصياً أميل الى التفسير الثاني، ولكنني أشعر بثقة أكبر في القول ان حل مشكلة النمو يجب أن يشكل أولوية بالنسبة الى الباحثين، وفي ما يتعلق بتقرير ما الذي يتعين القيام به ازاء فتور الاقتصاد يحتاج مجلس الاحتياطي الفدرالي الى أفضل ما يمكنه الحصول عليه من أدلة وتفكير سليم من أجل تحقيق النتائج المرجوة.

*Narayana Kocherlakota